مركز الدراسات الساسية و التنموية
مركز الدراسات الساسية و التنموية
  • الرئيسية
  • من نحن
    • رؤية المركز و أهدافه
    • الهيئة الاستشارية
    • شركاؤنا
    • باحثو المركز
    • باحثون آخرون
    • كُتاب
    • التواصل معنا
      • عناوين
      • منصات تواصل
  • أنشطة وفعاليات
    • ندوات
    • ورش عمل
    • لقاءات خاصة
    • مؤتمرات
    • دورات تدريبية
    • احتفالات
  • إصدارات
    • أوراق بحثية
    • تقارير
    • كتب
    • سياسية
    • إعلامية
    • تنموية
    • منوعة
    • ...
  • ملفات
    • القدس
    • الأسرى
    • الاستيطان
    • فلسطنيو 48
    • فلسطنيو الشتات
    • اللاجئون
    • المنظمة
    • السلطة
    • البرلمان
    • القضاء
    • الحكومة
    • الحقوق
    • الحريات
    • الشباب
    • المرأة
    • الأطفال
    • ذوي الهمم
    • ...
  • قضايا إقليمية
    • الشرق الأوسط
    • آسيا
    • الخليج العربي
    • شمال أفريقيا
    • أوروبا
    • الولايات المتحدة
    • كندا
    • بنما
    • أميركا اللاتينية
    • أستراليا
  • شؤون منوعة
    • فكر و سياسة
    • قيادات و أحزاب
    • ثقافة
    • اقتصاد
    • رياضة
    • علوم
    • تعليم
    • قانون
    • تاريخ
    • فن
    • أدب
    • إعلام
  • أرشيف
    • وثائق pdf
    • صور
    • فيديو
    • بودكاست
    • استطلاعات رأي
    • ترجمات خاصة
    • موسوعة المركز
      • شخصيات
      • أحداث
      • أماكن
    • مكتبة هاشم ساني
      • القسم السياسي
      • شؤون فلسطينية
      • القسم الثقافي
      • شؤون إسرائيلية
      • شؤون إسلامية
      • اللغة و المعرفة
      • العلوم
      • الإعلام
      • الأدب
      • ...

سقوط الثقة بالمجتمع الدولي في غزة من فشل الحماية إلى شراكة في العدوان

  • CPDS - غزة
  • الخميس , 01 مايو 2025
  • أوراق بحثية
سقوط الثقة بالمجتمع الدولي في غزة  من فشل الحماية إلى شراكة في العدوان

مقدمة

اندلعت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر 2023، لتكشف مجددًا ليس فقط حدود عجز النظام الدولي، بل انكشافه الأخلاقي والسياسي بالكامل، فعلى مدار أشهر، ظل الفلسطينيون في غزة تحت القصف المكثف والتهجير القسري والدمار الشامل، بينما ظل ما يُعرف بـ"المجتمع الدولي" إما عاجزًا عن التحرك، أو — في حالات كثيرة — مشاركًا فعليًا في استمرار المأساة.

لم يكن فشل المجتمع الدولي هذه المرة مجرد غياب للتدخل أو تأخر في الإغاثة، بل تجلى في شراكة مباشرة لبعض الدول الكبرى في تمكين آلة الحرب الإسرائيلية، الولايات المتحدة مثلًا زودت الكيان الإسرائيلي بالقنابل والذخائر المتطورة، ووفّرت لها غطاءً دبلوماسيًا كاملاً في مجلس الأمن، فيما اكتفت دول غربية أخرى بإصدار بيانات متوازنة بين القاتل والضحية، أو استمرت بتصدير العتاد العسكري رغم تصاعد المجازر.

إلى جانب ذلك، أظهرت المؤسسات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة ووكالاتها، عجزًا فعليًا عن توفير الحد الأدنى من الحماية للمدنيين، بل تعرضت مقراتها للقصف، وموظفوها للقتل، ومهامها للشلل، كل هذا ولّد شعورًا متناميًا لدى سكان غزة بأن المجتمع الدولي لم يعد شريكًا محتملاً في الحل، بل بات جزءًا من الأزمة نفسها.

في هذا السياق، لم يعد تآكل الثقة مجرد رأي شعبي أو رد فعل عاطفي، بل تحوّل إلى موقف سياسي واسع، يُعبّر عنه في الشارع، والإعلام، وخطاب الفصائل، وهو ما يدفعنا لطرح السؤال التالي:

إلى أي مدى ساهم تواطؤ الدول الكبرى وفشل المؤسسات الدولية في الحرب على غزة في تقويض ثقة الفلسطينيين بالمجتمع الدولي، وما هي التداعيات المحتملة لهذا التحول على المستويين الإنساني والسياسي؟

مؤشرات فشل المجتمع الدولي (ودوره المباشر في إطالة أمد الحرب)

تعددت مظاهر فشل المجتمع الدولي في التعاطي مع الحرب على غزة، لتشمل جوانب مؤسسية، إنسانية، دبلوماسية وعسكرية، ويمكن تصنيف هذه المؤشرات وفقًا لمستويين: فشل المؤسسات الدولية متعددة الأطراف، وانخراط الدول الكبرى في دعم العدوان مباشرة.

 

 

فشل المؤسسات الدولية

الأمم المتحدة ومجلس الأمن

عجز مجلس الأمن عن إصدار قرار ملزم بوقف إطلاق النار بسبب الفيتو الأمريكي المتكرر.

اقتصار ردود الأمانة العامة للأمم المتحدة على بيانات "قلق عميق" دون اتخاذ خطوات حقيقية لحماية المدنيين.

استهداف مقرات الأونروا ومراكز الإيواء، ما شكّل ضربة رمزية لهيبة المنظمة الدولية، دون رد فعل يتناسب مع حجم الانتهاك.

الأونروا ووكالات الإغاثة الدولية

تعرّضت لاتهامات إسرائيلية بالتحيز، ما دفع بعض الدول لوقف تمويلها مؤقتًا، رغم اعتماد مئات آلاف النازحين عليها.

عجز ميداني في توزيع المساعدات داخل القطاع نتيجة تقييد الاحتلال للتحركات.

تقاريرها اليومية فضحت حجم الكارثة، لكن تأثيرها السياسي ظل محدودًا.

المحاكم والآليات القضائية الدولية

تأخر في تفعيل أدوات العدالة الدولية (مثل محكمة الجنايات الدولية)، رغم وضوح الجرائم الجماعية.

عدم فتح تحقيق دولي مستقل رغم تصاعد المطالبات بذلك.

انخراط مباشر للدول الكبرى في الحرب

الولايات المتحدة الأمريكية

زوّدت الكيان الإسرائيلي بقنابل ذكية خارقة للتحصينات، استخدمت في قصف المناطق السكنية.

قدمت غطاء دبلوماسيًا كاملاً في مجلس الأمن، ومنعت وقف إطلاق النار لعدة أشهر.

دعمت الرواية الإسرائيلية سياسيًا وإعلاميًا، حتى في ظل تصاعد المجازر.

دول غربية أخرى (ألمانيا، بريطانيا، فرنسا...)

استمرت في تصدير المعدات والتقنيات العسكرية للكيان الإسرائيلي خلال الحرب.

بياناتها الرسمية تجاهلت حقيقة الإبادة الجماعية، وركّزت على "حق الكيان الإسرائيلي في الدفاع عن نفسه".

التحرك الإنساني المشروط

رُبطت بعض المساعدات بشروط سياسية، أو تم استخدام الملف الإنساني كورقة ضغط للتفاوض، وهو ما زاد الغضب الشعبي.

التأخر في فتح المعابر وعدم الضغط الجدي على الاحتلال لتسهيل دخول المساعدات.

لم يعد الفشل الدولي في غزة مجرّد تقاعس بيروقراطي أو صمت دبلوماسي، بل أصبح — في نظر قطاعات واسعة من الفلسطينيين — تواطؤًا مباشرًا ومشاركة فعلية في الجريمة. وبهذا، لم تسقط فقط الثقة في قدرة المجتمع الدولي على حماية المدنيين، بل في نيّته ورغبته أصلًا في فعل ذلك.

تعبيرات الغضب الشعبي وسلوكيات القطيعة مع المجتمع الدولي

ردّ الفعل الشعبي في قطاع غزة على فشل المجتمع الدولي وتواطؤه لم يقتصر على الاستنكار أو الغضب اللحظي، بل تجلّى في تحولات عميقة في الوعي الجماعي، وتعبيرات ملموسة في الخطاب والسلوك، ما يعكس حجم القطيعة النفسية والسياسية مع هذا "المجتمع الدولي" الذي بات يُنظر إليه بوصفه خصمًا أو على الأقل شريكًا في استمرار المأساة.

في الخطاب الشعبي والإعلامي

الوسوم (الهاشتاغات) الغاضبة على وسائل التواصل الاجتماعي مثل:
#UNcomplicit، #ShameOnUN، #WestSupportsGenocide، إلى جانب وسم عربي بارز: #العالم_شريك_في_المجزرة.

تداول واسع لعبارات مثل: "نحن وحدنا"، و"المجتمع الدولي يقتلنا بالصمت".

رسومات كاريكاتورية ومقاطع فيديو تسخر من بيانات "القلق" الأممية وتُظهر التناقض بين الشعارات الإنسانية والموقف العملي.

مواقف منظمات المجتمع المدني والنقابات

بيانات استنكار من منظمات محلية ضد سلوك الأمم المتحدة وصمت الدول الكبرى.

تنظيم وقفات احتجاجية أمام مقرات الأونروا ومكاتب الأمم المتحدة.

مطالبات بوقف أي تعاون ميداني مع بعض الوكالات الدولية التي لم تحمِ موظفيها أو المستفيدين من خدماتها.

خطابات المقاومة والفصائل

حماس والفصائل الأخرى اتهمت صراحةً الأمم المتحدة والغرب بـ"المشاركة في الجريمة".

اعتبار الفيتو الأمريكي "رخصة دولية للقتل".

المطالبة بالاعتماد على دول بديلة أو محور مقاومة كإطار دعم حقيقي بدل "الشرعية الدولية".

تغيّر السلوك الجماعي

رفض شعبي واضح لاستمرار التعويل على المجتمع الدولي في أي مبادرة إنقاذ أو وقف إطلاق نار، نتيجة التجربة المريرة.

انكفاء بعض الأهالي عن التعاون مع بعض الوكالات الدولية، باعتبار وجودها لا يُحدث فارقًا في حمايتهم.

تصاعد النبرة الراديكالية في الخطاب الجماهيري: من المطالبة بالحماية الدولية إلى عدم الثقة بأي طرف دولي.

الغضب الشعبي في غزة لم يكن لحظيًا أو انفعاليًا، بل هو موقف جماعي ناتج عن تجربة قاسية ومستمرة، الفجوة بين الفلسطينيين والمجتمع الدولي تحولت إلى قطيعة شبه كاملة في الوجدان العام، وأي محاولة مستقبلية لاستعادة الثقة ستكون مشروطة باعتراف واضح بهذا الفشل وتغيير حقيقي في السلوك الدولي تجاه العدالة والكرامة الفلسطينية.

أسباب فقدان الثقة: تراكمات التجربة الفلسطينية مع المجتمع الدولي

سقوط الثقة بالمجتمع الدولي في غزة لم يكن وليد الحرب الأخيرة وحدها، بل هو تتويج لمسار طويل من التجارب الفاشلة والمخيبة للآمال، حيث رسّخت المواقف المتكررة للدول الكبرى والمؤسسات الدولية لدى الفلسطينيين قناعة بأن "الشرعية الدولية" لا تُطبّق عليهم، بل تُستخدم لتبرير الظلم أو إدارته لا لإنهائه.

ذاكرة الصمت الدولي في الحروب السابقة

حرب 2008–2009، 2012، 2014، 2021: مواقف متكررة من العجز والصمت، و"تهدئة" تحفظ مصالح الاحتلال دون محاسبة.

لم يُحاسب الكيان الإسرائيلي يومًا على أي جريمة ارتكبتها في غزة رغم التقارير الحقوقية الأممية (مثل تقرير غولدستون).

في كل مرة، كانت المعادلة واضحة: يُطلب من الضحية الصبر، ومن الجلاد ضبط النفس!

ازدواجية المعايير الدولية

القانون الدولي يُفعّل عندما يكون القاتل غير محمي سياسيًا، بينما يُعطل تمامًا إذا كان الفاعل دولة غربية أو حليفة لها.

مقارنة صارخة بين سرعة تفعيل العدالة في أوكرانيا، والتجاهل التام لجرائم الكيان الإسرائيلي في فلسطين.

هذا التناقض ولد شعورًا عميقًا بالإقصاء: وكأن الفلسطينيين خارج "المنظومة الأخلاقية الدولية".

ربط العمل الإنساني بالتمويل السياسي

الأونروا مثال صارخ: كلما ارتفعت نبرة مقاومة الاحتلال، تراجعت بعض الدول عن تمويل الوكالة.

سياسات "التكييف السياسي" للمساعدات، كما حدث بعد اتهامات الكيان الإسرائيلي لبعض موظفي الوكالة، أظهرت مدى خضوع العمل الإنساني للابتزاز السياسي.

فشل محاولات المفاوضات برعاية دولية

اتفاق أوسلو نفسه — برعاية المجتمع الدولي — أصبح رمزًا لفشل عملية السلام.

أكثر من 30 عامًا من الرعاية الدولية لم تنتج دولة فلسطينية، بل تثبيتاً للواقع الاحتلالي.

هذا الفشل عزز الشك في أن المجتمع الدولي لا يسعى لحل حقيقي، بل لإدارة الصراع.

الثقة بالمجتمع الدولي لم تُفقد فجأة، بل تآكلت عبر عقود من التناقض بين المبادئ المُعلنة والممارسات الفعلية، ومع كل حرب جديدة، كانت الهوة تتسع، حتى وصلت في 2023–2024 إلى نقطة الانفصال الكامل، حيث بات الفلسطينيون يرون في هذا "المجتمع الدولي" بنسخته الحالية إما أداة تعمية، أو غطاءً للعدوان، لا وسيطًا نزيهًا أو ضامنًا للحقوق.

ممتاز، ننتقل الآن إلى المحور الخامس من الورقة:

تداعيات فقدان الثقة على المسار الإنساني والسياسي في غزة

فقدان الثقة بالمجتمع الدولي في قطاع غزة لا يُعدّ مجرّد شعور سلبي، بل ينعكس بشكل مباشر على الواقع الميداني، ويخلق تحديات عميقة في مسارين متوازيين: المسار الإنساني من حيث قدرة المؤسسات الدولية على العمل، والمسار السياسي من حيث مستقبل العلاقة مع الأطراف الدولية والمبادرات الإقليمية.

على المسار الإنساني: تآكل فعالية الاستجابة الدولية

تقييد عمل المنظمات الدولية

شعور قطاعات واسعة من المجتمع المحلي بأن هذه المنظمات لم تعد تُحدث فرقًا، ما أدى إلى ضعف التعاون الميداني أحيانًا، ورفض بعض أشكال التنسيق.

صعوبة إعادة بناء ثقة المجتمعات المحلية بجهات كانت تُعتبر سابقًا محايدة أو إنسانية، كالأونروا أو الصليب الأحمر.

تسييس العمل الإغاثي

بات يُنظر إلى توزيع المساعدات باعتباره أداة ضغط دولية أكثر من كونه استجابة لاحتياجات إنسانية فعلية.

تصاعد الاتهامات بأن بعض وكالات الإغاثة الدولية تمارس "انتقائية" أو خضوعًا للمعايير الإسرائيلية، ما أدى إلى فقدان مصداقيتها.

اعتماد متزايد على المبادرات المحلية

تعويض بعض القصور الدولي عبر شبكات أهلية وفصائلية ومجتمعية، وهو ما يعزز الانفكاك الفعلي عن البنية الدولية للإغاثة.

على المسار السياسي: تعزيز القطيعة مع النظام الدولي القائم

ازدياد الميل للرفض الشامل للمبادرات الدولية

أي مبادرة سياسية برعاية دولية لم تعد تحظى بثقة الشارع أو القوى الفاعلة في غزة.

اعتقاد متزايد بأن "المجتمع الدولي" يعمل لإعادة إنتاج الواقع القائم، لا تغييره.

تقوية التيارات المناهضة للتسوية

فقدان الثقة يعزز حضور الخطاب المقاوم والراديكالي الذي يُشكك في جدوى أي مسار تفاوضي.

تراجع الثقة بأي طرح "حل وسط" برعاية دولية، واعتباره تنازلاً غير مضمون النتائج.

إضعاف قدرة السلطة الفلسطينية على التحرك

كونها تستند في شرعيتها جزئيًا إلى علاقتها بالمجتمع الدولي، فإن هذا الفقدان للثقة ينعكس أيضًا على مشروعها السياسي.

توتر العلاقة بين غزة والمنظومة الدولية يُضعف احتمالات عودة السلطة أو بسط نفوذها في القطاع.

انهيار الثقة بالمجتمع الدولي في غزة لا يُهدد فقط مستقبل التعاون الإنساني، بل يُعيد تشكيل الوعي السياسي والاجتماعي تجاه هذا المجتمع، كمنظومة غير موثوقة بل ومعادية في نظر كثيرين، هذه التحولات ستجعل أي محاولة مستقبلية للتدخل الدولي — سواء إنسانيًا أو سياسيًا — مشروطة باعتراف جذري بالفشل وإعادة صياغة شاملة للعلاقة.

السيناريوهات المحتملة

في ضوء انهيار الثقة المتراكم لدى الفلسطينيين في قطاع غزة تجاه المجتمع الدولي، يصبح من الضروري استشراف المسارات المستقبلية المحتملة، سواء في الجانب الإنساني أو السياسي. السيناريوهات التالية تُمثل اتجاهات واقعية لتطور العلاقة مع هذا المجتمع، وكل منها يحمل تداعياته الخاصة على الداخل الفلسطيني وعلى أداء الفاعلين الدوليين.

السيناريو الأول: ترسيخ القطيعة والاعتماد على الذات أو الحلفاء الإقليميين

السمات:

استمرار النظرة إلى المجتمع الدولي كطرف غير نزيه وعديم المصداقية.

تعزيز الاعتماد على المبادرات المحلية أو الدعم من حلفاء إقليميين (إيران، قطر، تركيا...).

تقليص التعاون مع الوكالات الأممية إلى أدنى حد ممكن.

النتائج المحتملة:

تصاعد الاستقلال السياسي لغزة عن النظام الدولي القائم.

احتمالات زيادة العزلة الدولية على القطاع.

تحوّل هذا المسار إلى جزء من "بنية المقاومة" لا من أدوات الضغط السياسي فقط.

السيناريو الثاني: إعادة ضبط العلاقة بشروط فلسطينية صارمة

السمات:

قبول مشروط للتعامل مع المجتمع الدولي، بناء على مراجعة سلوكياته السابقة.

المطالبة باعتراف علني بالفشل، ومحاسبة للمسؤولين عن تعطيل العدالة الدولية.

التفاوض على أسس جديدة لمشاركة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في غزة.

النتائج المحتملة:

تحسين جزئي لصورة المجتمع الدولي، دون استعادة الثقة بالكامل.

استمرار التوتر بين الطابع الإغاثي والدور السياسي لهذه المؤسسات.

إمكانية بروز أطراف دولية بديلة أكثر قبولًا (جنوب إفريقيا، دول الجنوب العالمي...).

السيناريو الثالث: محاولة دولية لاستعادة الثقة دون مراجعة حقيقية

السمات:

تقديم دعم إنساني واسع النطاق لإعادة إعمار غزة دون اعتراف سياسي بالتقصير أو التواطؤ.

تكثيف زيارات مسؤولي الأمم المتحدة والدول الغربية للقطاع بعد الحرب.

استمرار استخدام لغة "الحياد" التي كانت أحد أسباب سقوط الثقة.

النتائج المحتملة:

رفض شعبي واسع لأي حضور دولي لا يُعيد الاعتبار للضحايا.

تكرار تجربة "الشرعية الشكلية" للمجتمع الدولي دون أثر فعلي.

احتمالية استهداف رمزي أو سياسي لمقرات أممية كتعبير عن الغضب المستمر.

مناقشة السيناريوهات:

من الواضح أن العودة إلى الوضع السابق باتت مستحيلة دون تحولات جوهرية في بنية المجتمع الدولي وسلوك الفاعلين فيه، والسيناريو الأخطر من وجهة نظر فلسطينية هو محاولة المجتمع الدولي "ترقيع" صورته دون معالجة أسباب فقدان الثقة، وحدها المحاسبة والاعتراف والدعم غير المشروط للعدالة قد تفتح بابًا جزئيًا لاستعادة العلاقة.

خلاصة:

لقد كشفت الحرب الإسرائيلية على غزة (منذ أكتوبر 2023) عن خلل عميق في بنية النظام الدولي، لا في أدائه فقط، فما واجهه الفلسطينيون لم يكن مجرد تقاعس عن وقف العدوان، بل كان تواطؤًا سياسيًا وعسكريًا وأخلاقيًا من قبل دولٍ كبرى، ومؤسسات أممية فقدت شرعيتها في عيون الضحايا، لقد سقط القناع عن حياد زائف، وسقطت معه الثقة في منظومةٍ تدّعي حماية الإنسان، بينما تمنح الغطاء للقتل الجماعي.

وفي قطاع غزة، لم تكن هذه الخسارة في الثقة أمرًا عابرًا أو ظرفيًا، بل جاءت تتويجًا لتراكمات تاريخية من الصمت، والانحياز، والمعايير المزدوجة، واليوم، يعيش الفلسطيني لحظة وعي صارخة: العالم لا ينصفنا، بل يتواطأ على وجعنا، وإن لم يتحرك هذا العالم نحو مراجعة جذرية، فإنه يفقد ما تبقى من شرعيته الأخلاقية أمام شعوب المنطقة والعالم.

وعليه، فإن أي محاولة مستقبلية لإعادة بناء العلاقة مع الفلسطينيين، إنسانيًا أو سياسيًا، يجب أن تنطلق أولًا من الاعتراف بالفشل، وتحمل المسؤولية، وتقديم العدالة لا المساعدات فقط. دون ذلك، لن تبقى غزة مجرد ساحة مواجهة، بل ستكون أيضًا نقطة انكسار أخلاقي للمجتمع الدولي بأسره.

توصيات المركز:

أولًا: للفلسطينيين والمؤسسات الوطنية

تطوير خطاب سياسي فلسطيني جديد:

يتجاوز التعويل التقليدي على "الشرعية الدولية" ويطرح مفاهيم مثل: العدالة الشعبية العالمية، والتحالفات الأخلاقية البديلة.

تحميل الدول الكبرى مسؤولية قانونية وأخلاقية عن دعمها للعدوان، لا الاكتفاء بانتقاد الأمم المتحدة كواجهة.

بناء تحالفات دولية بديلة:

التركيز على دول الجنوب العالمي، والمجتمعات المدنية في أميركا اللاتينية، إفريقيا، آسيا، والحركات الشعبية في الغرب.

توسيع دائرة الشركاء من خارج النظام الدولي التقليدي الذي أثبت انحيازه.

تعزيز الاعتماد على المبادرات المحلية:

الاستثمار في المنظومات الأهلية والغوث المجتمعي، وتقوية بنية الصمود الداخلي.

تطوير القدرات الفلسطينية في إدارة الكوارث والإغاثة لتقليل الاعتماد على الأطراف الدولية غير الموثوقة.

ثانيًا: للمجتمع الدولي الراغب في استعادة الثقة

الاعتراف العلني بالفشل والتقصير:

إصدار تقارير وبيانات توضح المسؤولية عن تعطيل العدالة، وفشل حماية المدنيين.

مراجعة داخلية للأمم المتحدة والدول الداعمة للكيان الإسرائيلي حول دورها في الحرب.

ضمان مساءلة فعلية للكيان الإسرائيلي:

دعم تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية، دون تعطيلها سياسياً.

تقديم ملفات جديدة موثقة حول جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في غزة.

فصل المسار الإنساني عن الابتزاز السياسي:

إنهاء ربط المساعدات الإنسانية بالمواقف السياسية.

ضمان تدفق آمن وغير مشروط للمساعدات، بإشراف أطراف موثوقة لدى السكان.

الانفتاح على قنوات تمثيلية جديدة في غزة:

التعامل بواقعية مع القوى الفاعلة في الميدان، وعدم حصر الشراكة مع جهات غير ذات شرعية شعبية.

تقديم الدعم للمجتمع المدني المحلي دون وصاية سياسية.

 

مشاركة :

الأكثر قراءة :

الجماعات الدينية اليهودية الداعمة لاقتحامات المسجد الأقصى وتنظيم...

المخطط الإسرائيلي لاقتطاع مساحة من "الأقصى" لصالح المستوطنين

انتخابات الكنيست من وجهة نظر المقاطعين

ذات صلة :

الجماعات الدينية اليهودية الداعمة لاقتحامات المسجد الأقصى وتنظيم...

المخطط الإسرائيلي لاقتطاع مساحة من "الأقصى" لصالح المستوطنين

انتخابات الكنيست من وجهة نظر المقاطعين

الوسوم :

  • الأمم المتحدة
  • حرب الابادة

من نحن

  • رؤية المركز و أهدافه
  • شركاؤنا
  • كُتاب
  • باحثو المركز
  • عناوين
  • الهيئة الاستشارية
  • باحثون آخرون
  • منصات تواصل

الأقسام

  • أنشطة وفعاليات
  • إصدارات
  • ملفات
  • قضايا إقليمية
  • شؤون منوعة
  • استطلاعات رأي
  • ترجمات خاصة
  • موسوعة المركز
  • مكتبة هاشم ساني

تواصل معنا

  • فلسطين - غزة
  • 500500500+
  • test@gmail.com
مركز فلسطيني غير ربحي، يُعنى بالشؤون السياسية والتنموية الخاصة بالقضية الفلسطينية على الصعيدين المحلي والعالمي ...
جميع الحقوق محفوظه © لمركز الدراسات الساسية و التنموية 2025
  • برمجة و تطوير هاي فايف