مركز الدراسات الساسية و التنموية
مركز الدراسات الساسية و التنموية
  • الرئيسية
  • من نحن
    • رؤية المركز و أهدافه
    • الهيئة الاستشارية
    • شركاؤنا
    • باحثو المركز
    • باحثون آخرون
    • كُتاب
    • التواصل معنا
      • عناوين
      • منصات تواصل
  • أنشطة وفعاليات
    • ندوات
    • ورش عمل
    • لقاءات خاصة
    • مؤتمرات
    • دورات تدريبية
    • احتفالات
  • إصدارات
    • أوراق بحثية
    • تقارير
    • كتب
    • سياسية
    • إعلامية
    • تنموية
    • منوعة
    • ...
  • ملفات
    • القدس
    • الأسرى
    • الاستيطان
    • فلسطنيو 48
    • فلسطنيو الشتات
    • اللاجئون
    • المنظمة
    • السلطة
    • البرلمان
    • القضاء
    • الحكومة
    • الحقوق
    • الحريات
    • الشباب
    • المرأة
    • الأطفال
    • ذوي الهمم
    • ...
  • قضايا إقليمية
    • الشرق الأوسط
    • آسيا
    • الخليج العربي
    • شمال أفريقيا
    • أوروبا
    • الولايات المتحدة
    • كندا
    • بنما
    • أميركا اللاتينية
    • أستراليا
  • شؤون منوعة
    • فكر و سياسة
    • قيادات و أحزاب
    • ثقافة
    • اقتصاد
    • رياضة
    • علوم
    • تعليم
    • قانون
    • تاريخ
    • فن
    • أدب
    • إعلام
  • أرشيف
    • وثائق pdf
    • صور
    • فيديو
    • بودكاست
    • استطلاعات رأي
    • ترجمات خاصة
    • موسوعة المركز
      • شخصيات
      • أحداث
      • أماكن
    • مكتبة هاشم ساني
      • القسم السياسي
      • شؤون فلسطينية
      • القسم الثقافي
      • شؤون إسرائيلية
      • شؤون إسلامية
      • اللغة و المعرفة
      • العلوم
      • الإعلام
      • الأدب
      • ...

زيارة ترامب إلى الشرق الأوسط: إعادة تشكيل الأجندة الإقليمية على أنقاض غزة

  • CPDS - غزة
  • السبت , 24 مايو 2025
  • أوراق بحثية
زيارة ترامب إلى الشرق الأوسط:  إعادة تشكيل الأجندة الإقليمية على أنقاض غزة

مقدمة

على مدى العقود الماضية، شكّلت زيارات رؤساء الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط محطات سياسية واستراتيجية مفصلية، ارتبطت عادة بتثبيت النفوذ الأميركي، ودعم "عملية التسوية"، وتحصين التحالفات الأمنية والاقتصادية، لا سيما مع الكيان الإسرائيلي، الحليف الأبرز للولايات المتحدة في المنطقة، وقد توّج العديد من تلك الزيارات بتفاهمات كبرى واتفاقيات دفاعية واقتصادية، غالبًا ما أعادت ترتيب أولويات الإقليم وفق رؤية واشنطن.

لكن زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المنطقة في 13 مايو/أيار 2025 جاءت في ظرف استثنائي، يحمل تحولات كبرى في طبيعة التحديات الإقليمية والدولية، وفي شكل السياسة الخارجية الأميركية ذاتها، فهي ليست مجرّد جولة بروتوكولية، بل أول تحرك ميداني لترامب في ولايته الثانية، في ظل حرب إسرائيلية شعواء على قطاع غزة، وتفاقم الأزمات الإنسانية، وتراجع الثقة بالقيادة الإسرائيلية داخل واشنطن، مقابل تصاعد الوزن التفاوضي للخليج، خصوصًا السعودية وقطر.

وبينما يُسجَّل لترامب أنه الرئيس الأميركي العاشر الذي يزور الشرق الأوسط منذ روزفلت عام 1943، إلا أن توقيت هذه الزيارة وسياقاتها، والملفات التي طرحت خلالها، تكشف عن انزياحات مهمة في التوازنات السياسية الأميركية – الإسرائيلية – الخليجية، لا سيما مع بروز مواقف تعكس تمايزًا لافتًا عن إرث الإدارات الجمهورية السابقة، وميولًا لإعادة رسم المشهد الإقليمي على أسس جديدة.

في هذا السياق، تهدف هذه الورقة إلى تحليل أبعاد زيارة ترامب الأخيرة إلى الشرق الأوسط، من خلال التركيز على مضامينها السياسية والاستراتيجية، وطبيعة التحولات التي كشفت عنها في العلاقات الأميركية الخليجية، والمقاربات الجديدة تجاه الملفات الإقليمية، وبالأخص انعكاساتها على القضية الفلسطينية وغزة، في ظل استمرار المجازر، وترويج خطابات التهجير وإعادة الإعمار المشروط.

أولاً: أهمية زيارة ترامب كأول تحرك ميداني في ولايته الثانية

تمثّل زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط في 13 مايو/أيار 2025 أول تحرّك ميداني له منذ إعادة انتخابه، وجاءت في توقيت بالغ الحساسية، وسط حرب إسرائيلية متواصلة على قطاع غزة، وتفاقم الأزمة الإنسانية، وتصاعد التحولات في مواقف بعض الحلفاء الإقليميين تجاه الولايات المتحدة، لذلك، لم تكن هذه الزيارة مجرد امتداد لجولات سابقة، بل خطوة مدروسة تعبّر عن بداية إعادة تشكيل أولويات السياسة الخارجية الأميركية في الولاية الثانية لترامب، ضمن مقاربة أكثر براغماتية، وأقل انخراطًا عسكريًا مباشرًا.

للمقارنة، فقد كانت زيارة ترامب الأولى للمنطقة خلال ولايته الأولى قد جرت في 20 مايو/أيار 2017، حين شارك في القمة العربية الإسلامية الأميركية بالرياض، والتقى قادة السعودية ودول الخليج، ثم زار الكيان الإسرائيلي والأراضي الفلسطينية، حيث التقى الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ثم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في بيت لحم، أما في الجولة الحالية، فقد شملت الزيارة ثلاث دول: السعودية، قطر، والإمارات، وركّزت على ملفات محورية أبرزها: الحرب الإسرائيلية على غزة، والمفاوضات غير المباشرة مع إيران، إلى جانب توقيع اتفاقيات استراتيجية في مجالات الدفاع والطاقة والذكاء الاصطناعي.

تحولات في الرؤية الخارجية: من التدخل إلى "الصفقة"

في هذه الجولة، ظهر ترامب في صورة رجل الصفقات لا الجنرال، والمفاوض البراغماتي لا المبشّر الأيديولوجي، وقد عبّر عن هذا التحول بوضوح في كلمته خلال افتتاح المنتدى الاستثماري السعودي–الأميركي، حيث وجّه نقدًا لاذعًا لإرث الإدارات الأميركية السابقة، خاصة المحافظين الجدد، قائلاً:

"إن الأبراج اللامعة في الرياض وأبو ظبي لم يتم إنشاؤها من قِبل ما يسمى ببناة الأمم، أو المحافظين الجدد أو المنظمات غير الربحية الليبرالية، مثل أولئك الذين أنفقوا تريليونات الدولارات وفشلوا في تطوير كابل وبغداد والعديد من المدن الأخرى".

بهذا التصريح، أراد ترامب أن يُعلن فك ارتباطه مع سياسات الهيمنة العسكرية التي وسمت العقود السابقة، خصوصًا منذ غزو العراق عام 2003، مؤكدًا أن زمن التدخل المباشر قد ولّى، وأن عصر الاستثمار مقابل الحماية قد بدأ، ويُفهم من حديثه عن فشل "بناة الأمم" أن إدارته لن تكرر سيناريوهات الاحتلال أو إعادة الإعمار المفروضة بالقوة.

وقد اختتم ترامب كلمته بتأكيده على ما اعتبره فلسفة واقعية جديدة للعلاقات الدولية، قائلًا:

"لم يأتِ السلام والازدهار والتقدم في نهاية المطاف من الرفض الجذري لتراثكم، بل من احتضان تقاليدكم الوطنية، واحتضان نفس التراث الذي تحبونه كثيرًا".

هذا الخطاب لا ينفصل عن رؤية ترامب السياسية الأشمل، القائمة على مبدأ "أميركا أولًا"، والتي يُعاد تصديرها خارجيًا في صورة صفقات أولوية، دون تبنّي التزامات أخلاقية أو تحالفات غير متكافئة، ولذلك، فإن زيارة ترامب الثانية إلى الشرق الأوسط ليست تكرارًا لجولته الأولى، بل هي تمظهر لسياسة أميركية جديدة تسعى لإعادة توزيع الأدوار، وتحمّل الشركاء الإقليميين كلفة الاستقرار، مقابل النفوذ الأميركي السياسي والاقتصادي.

ثانيًا: الأهداف الحقيقية للزيارة – ما بين الصفقات والتموضع الإقليمي على حساب فلسطين

رغم أن زيارة الرئيس دونالد ترامب إلى الخليج العربي شملت قضايا متعددة أبرزها الأمن الإقليمي والمفاوضات مع إيران، فإنها، في جوهرها، تعكس تحركًا استراتيجيًا لإعادة تموضع الدور الأميركي في المنطقة من خلال تقليص التدخل العسكري المباشر، والاعتماد على الحلفاء في إدارة ملفات معقدة مثل قطاع غزة.

يرى أندرياس كريغ، أستاذ الدراسات الأمنية في جامعة كينغز كوليدج بلندن، أن أهداف ترامب تمثلت في ثلاثة محاور: أولها، تأمين التزامات استثمارية ضخمة من دول الخليج في الصناعات الدفاعية والطاقة؛ ثانيًا، بناء شبكة تحالفات دبلوماسية مرتبطة بتيار "أميركا أولًا" (MAGA) لتقليص كلفة التورط الأميركي المباشر؛ وثالثًا، تحويل الخليج إلى محور وسيط في أزمات الإقليم، من غزة إلى طهران، دون الحاجة لنشر قوات أميركية إضافية.

ويتقاطع ذلك مع ما أعلنه الخبير كريستيان كوتس أولريشسن، الذي أشار إلى أن ترامب يسعى لتعميق العلاقات الدفاعية والاقتصادية مع الخليج، وتوجيه دول المنطقة نحو تقليص الاعتماد على الصين، دون تقديم التزامات مقابل ذلك في الملف الفلسطيني.

لكن اللافت أن غزة حضرت كملف اقتصادي–أمني أكثر منها قضية وطنية، حيث تم طرح آلية لإعادة الإعمار والسيطرة على المساعدات ضمن تصور أميركي لا يشمل وقف العدوان أو الاعتراف بالحقوق الفلسطينية، ما يؤكد أن الهدف الفعلي هو هندسة ترتيبات ما بعد الحرب تُقصي الفلسطينيين وتُحيّدهم.

ثالثًا: السياق السياسي للزيارة – حرب على غزة وتراجع الكيان الإسرائيلي في هندسة السياسات الأميركية

جاءت زيارة ترامب في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، والتي دخلت شهرها التاسع، وسط تصاعد الضغوط الدولية لوقفها، وعلى عكس ما درجت عليه الإدارات الأميركية السابقة، لم يحتل الكيان الإسرائيلي مركز الثقل في الزيارة، بل غابت رسميًا عن الجولة، وهو ما وصفه المحلل أندرياس كريغ بأنه "رسالة استراتيجية" تعكس ميلًا أميركيًا للانفكاك من التماهي الكامل مع أجندة نتنياهو.

ففي الوقت الذي انهمك فيه الكيان الإسرائيلي بتوسيع عملياته العسكرية في غزة، كانت الإدارة الأميركية تقود مفاوضات غير مباشرة مع حماس في الدوحة، بتيسير قطري، وهو ما عدّ تحوّلًا غير مسبوق في السياسة الأميركية تجاه فاعلين فلسطينيين مصنفين على "لوائح الإرهاب".

البيت الأبيض بدا أكثر واقعية في قراءته للمشهد الإقليمي؛ إذ لم يعد مسار التطبيع مع الكيان الإسرائيلي أولوية، خاصة في ظل تعنّت تل أبيب ورفضه تقديم أي تنازل جوهري، بل إن ملف غزة بات أولوية أمنية بالنسبة لواشنطن ودول الخليج، في حين بات الكيان الإسرائيلي يُنظر إليه – من وجهة نظر إدارة ترامب – كمصدر للتقلبات، لا الاستقرار، وهو ما عبّر عنه كريغ بقوله: "إسرائيل باتت عبئًا على القوة الأميركية، في حين يظهر الخليج كشريك استراتيجي أكثر عقلانية".

تراجُع الاهتمام الأميركي بمسار التطبيع، وإعادة تركيز الجهود على وقف الحرب وفتح قنوات خلفية مع إيران، يعكس أن إدارة ترامب لا ترى في نتنياهو شريكًا موثوقًا، بل عقبة يجب تجاوزها لتحقيق استقرار وظيفي في المنطقة.

رابعًا: مواقف ترامب السابقة من قضايا الشرق الأوسط – الانحياز للكيان الإسرائيلي وشيطنة الفلسطينيين

لم تكن مواقف دونالد ترامب من الشرق الأوسط يومًا حيادية، بل اتسمت بانحياز فاضح للكيان الإسرائيلي، وتبنيه الكامل لرؤيتها، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ففي حملته الانتخابية عام 2016، تعهّد بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، وهو ما فعله لاحقًا في ولايته الأولى، وصرّح علنًا أن القدس هي "العاصمة الأبدية للشعب اليهودي".

في مقابلاته وتصريحاته العديدة، لم يُخف ترامب احتقاره للمقاربة الدولية التقليدية للقضية الفلسطينية، ففي كلمته أمام مؤتمر لجنة الشؤون العامة الأميركية–الإسرائيلية (AIPAC)، قال بوضوح: "أي اتفاق تفرضه الأمم المتحدة على إسرائيل سيكون كارثة"، مهاجمًا المنظمة الدولية التي "لم تعد صديقة لتل أبيب".

وفيما يخص المقاومة الفلسطينية، أيد ترامب علنًا استخدام الكيان الإسرائيلي لما وصفه بـ"القوة المشروعة"، بينما تجاهل الإشارة إلى الجرائم الجماعية المرتكبة بحق المدنيين في غزة، ويذهب أبعد من ذلك، حين اعتبر أن "السلام" لن يُنجز إلا عندما "يتخلى الفلسطينيون عن الكراهية والعنف ويقبلون إسرائيل دولة يهودية"، في توصيف يُفرغ الصراع من أبعاده الاستعمارية، ويختزله في معادلة أخلاقية زائفة.

أما في ملف إيران، فقد وصف الاتفاق النووي لعام 2015 بأنه "أسوأ اتفاق في التاريخ"، وتعهّد بتمزيقه فور توليه الرئاسة، معتبراً إيران الراعي الأول للإرهاب، ومتجاهلًا أن أي تسوية إقليمية، بما فيها التهدئة في غزة، لا يمكن أن تنجح دون تفاهمات معها.

وفي الملف السوري، أظهر ترامب استخفافًا واضحًا بالملف، معتبرًا أن بقاء الأسد لا يُشكّل أولوية، بل إن مواجهة داعش هي الهدف الأساسي، وهو ما يشي بإعادة ترتيب للأولويات الأميركية وفق معيار المصلحة الضيقة، لا القيم أو المبادئ.

خامسًا: المضامين السياسية والاستراتيجية لزيارة ترامب الخليجية – فلسطين في قلب الاشتباك الدبلوماسي

رغم طغيان الطابع الاقتصادي على زيارة الرئيس دونالد ترامب إلى الخليج، إلا أن أبعادها السياسية والاستراتيجية تكشف تحوّلات جوهرية في مقاربة الإدارة الأميركية لملفات المنطقة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، فقد أعادت الزيارة رسم أولويات واشنطن في التعامل مع الحلفاء، وأبرزت ميلًا لتجاوز الكيان الإسرائيلي كلاعب محوري في ترتيب الأوراق الإقليمية، مع تصدّر غزة كميدان اشتباك سياسي ودبلوماسي وأمني.

1. حرب غزة: مفاوضات محدودة وتواطؤ سياسي

رغم ما بدا من تحركات أميركية بشأن غزة، إلا أن جوهر التعامل مع الحرب الإسرائيلية ظل مرهونًا بمحددات إسرائيلية، فبُعيد قيام حماس بمبادرة إنسانية تمثلت بإطلاق سراح الجندي الأميركي–الإسرائيلي عيدان ألكسندر، استثمرت واشنطن الحدث لتعزيز شعبية ترامب داخليًا، دون أن تقابلها بضغط فعلي على إسرائيل لوقف المجازر أو إدخال المساعدات.

أطلقت الولايات المتحدة جولة مفاوضات غير مباشرة في الدوحة، بمشاركة حماس ووفد إسرائيلي، حضرها المبعوثان الأميركيان ستيف ويتكوف وآدم بولر، وبحضور أمير قطر، إلا أن الكيان الإسرائيلي صعد من عدوانه، وأعلن استهداف قيادات عسكرية للمقاومة الفلسطينية، وأفشل عمليًا أي فرصة للتقدم في صفقة التهدئة.

وفي القمة الخليجية–الأميركية بالرياض، نوقشت مبادرة تنص على انسحاب إسرائيلي تدريجي من غزة، مقابل وقف إطلاق النار وإعادة الإعمار، لكن الخلاف ظل قائمًا حول مستقبل القطاع، خصوصًا بعد تصريحات ترامب المتكررة برغبته في "تملك غزة" وتحويلها إلى "منطقة حرة" أو "ريفييرا"، وهو ما قوبل برفض عربي واسع، واعتُبر تلميحًا صريحًا لخطط تهجير الفلسطينيين.

2. المفاوضات النووية مع إيران: وساطة خليجية وتفاهمات ضمنية

شهدت جولة ترامب تقاطعًا بين المسارين الإيراني والفلسطيني، حيث ناقش مع قادة الخليج تقدم المفاوضات النووية غير المباشرة، بوساطة عمانية وسعودية، وفي تصريحات له من الدوحة، أعلن ترامب أن إيران وافقت على بنود أميركية جديدة، ما يشير إلى تنسيق خلفي يستهدف تهدئة الساحة الإقليمية، بما في ذلك غزة، عبر كبح حلفاء طهران.

3. الضمانات الأمنية وصفقات التسليح: دعم الخليج مقابل صمت عن فلسطين

وقّعت الولايات المتحدة خلال الجولة اتفاقيات تسليحية غير مسبوقة مع السعودية وقطر والإمارات، بلغت قيمتها أكثر من 180 مليار دولار، شملت طائرات متقدمة، ونظم دفاع جوي، وتقنيات مراقبة، هذا التوقيع المتزامن مع استمرار الحرب على غزة، أظهر افتقار واشنطن لأي شرط إنساني أو سياسي في صفقاتها، ما اعتبره مراقبون نوعًا من التواطؤ الضمني مع العدوان.

 

 

4. الاتفاقيات الإبراهيمية: تراجع وتجميد مشروط

حثّ ترامب السعودية على الانضمام إلى الاتفاقيات الإبراهيمية، وطلب من الإمارات تجديد التزاماتها، لكنه لم يُبدِ حماسة لدفع مسار التطبيع قُدمًا في ظل الجمود السياسي الإسرائيلي، بل ذهب إلى أبعد من ذلك بإشارته إلى احتمال انضمام سوريا مستقبلًا، وهو ما عُدّ تناقضًا مع السياسات الأميركية السابقة.

5. الملف السوري: ورقة مساومة إقليمية وتطبيع سياسي

أعادت زيارة ترامب فتح ملف العلاقة مع النظام السوري الجديد بقيادة أحمد الشرع، عبر لقائه المباشر به في الرياض بحضور محمد بن سلمان، وبتواصل مرئي مع أردوغان، وتحدث ترامب عن "رفع العقوبات عن سوريا"، وتطبيع العلاقات الثنائية، ضمن صفقة إقليمية واسعة تشمل مكافحة الإرهاب وتأمين الحدود.

لكن اللافت أن الورقة السورية، كما الإبراهيمية، لم تُطرح في أي سياق مرتبط بإنهاء الاحتلال أو دعم حقوق الفلسطينيين، ما يؤكد أن القضية الفلسطينية ليست في قلب الأولويات الأميركية، بل تُستخدم كأداة تفاوضية في ملفات الطاقة والتحالفات.

تُظهر زيارة ترامب أن إدارة واشنطن تنظر إلى غزة من زاوية أمنية وتجارية، لا سياسية أو إنسانية. فهي تسعى لفرض ترتيبات جديدة تقصي الفلسطينيين، وتُحوّل المأساة إلى فرصة استثمارية، وسط تجاهل متعمّد لجرائم الحرب الجارية، وفي مقابل وعود الأمن والتسليح، يُطلب من الخليج الصمت عن العدوان، أو قبوله كأمر واقع في انتظار "مشروع إعادة إعمار مشروط"، وهذا ما يستدعي تحركًا فلسطينيًا واسعًا لإفشال سيناريوهات التصفية الناعمة عبر المال والسياسة.

سادسًا: ردود الأفعال الإقليمية – توجّسات إسرائيلية ورفض فلسطيني لمحاولات تصفية القضية

1. توجّس إسرائيلي من تراجع الدور والتنسيق مع واشنطن

رغم التاريخ الطويل من العلاقة الوثيقة بين دونالد ترامب والكيان الإسرائيلي، بدت الأوساط السياسية والعسكرية والإعلامية الإسرائيلية في حالة قلق غير مسبوقة إزاء زيارته إلى الخليج، وهذا التوجّس لم يكن نابعًا من تغير جوهري في التوجهات الأيديولوجية لترامب، بل من مؤشرات متصاعدة على تجاوز الكيان الإسرائيلي في بعض التفاهمات الإقليمية، لا سيما تلك المتعلقة بغزة، وإيران، والضمانات الأمنية الجديدة لدول الخليج.

تعكس خطابات زعماء المعارضة والمعلّقين الإسرائيليين هذا القلق بوضوح، فقد صرّح يائير لابيد في الكنيست بأن "أهم الصفقات تُبرم دون إسرائيل، وترامب سئم من مماطلات نتنياهو ويمضي بمفرده"، وكتب بن كسبيت في صحيفة "معاريف" أن "ترامب في السعودية كارثة على وجود إسرائيل"، ووصفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" توجهات ترامب بأنها تُمكّن الخليج من فرض نفوذ غير مسبوق على السياسة الأميركية، دون إشراك "إسرائيل" أو التنسيق معها.

وبات ترامب، الذي شيّدت حكومة نتنياهو قرية باسمه في الجولان المحتل، يوصف الآن في بعض التحليلات بأنه "الجواد غير المنضبط"، الذي لم يعد يمكن للكيان الإسرائيلي الوثوق به كما في السابق، ويرى المعلق ناحوم برنياع أن الخليج تمكن من التأثير في أجندة ترامب من خلال المال والاستثمارات، وأن تل أبيب بدأت تخسر امتيازاتها التقليدية في البيت الأبيض.

2. المقاومة الفلسطينية: تحذير من خرق التفاهمات ومخططات التهجير

في المقابل، تعاملت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مع زيارة ترامب من زاوية عملية، حيث أطلقت سراح الجندي الأميركي–الإسرائيلي عيدان ألكسندر، كبادرة حسن نية قبيل بدء جولة ترامب، في إطار تفاهمات برعاية قطرية وأميركية.

وفي بيان لها، حذّرت الحركة من أن عدم التزام واشنطن بإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة ووقف العدوان سيؤثر سلبًا على أي جهود لتبادل الأسرى، مؤكدة أن "المبادرة جاءت حرصًا على التخفيف عن شعبنا، ونأمل أن تتبعها خطوات عملية".

لكن سرعان ما تبخر هذا الأمل، بعد أن أعلن ترامب من الدوحة رغبته في "امتلاك غزة وتحويلها إلى منطقة حرة"، وكرّر وصفه للقطاع بأنه "مليء بالأنقاض ولا يستحق الإنقاذ"، داعيًا إلى استثمار خارجي وإعادة تطوير، وهو ما يعني فعليًا اقتراح تهجير للسكان.

وردت حماس بتأكيد أن "غزة ليست للبيع"، وأنها تمثل جزءًا لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية، ورفضت التعامل مع القطاع باعتباره عقارًا للاستثمار أو سلعة للتفاوض.

3. إيران: حذر استراتيجي في ظل التهدئة الخليجية

تابعت إيران جولة ترامب بعين مفتوحة، وقرأت أبعادها ضمن مشروع إعادة تشكيل التحالفات. ورغم استمرار عدائها لسياسات واشنطن، فإنها بدت أقل صدامًا، وحرصت على إرسال إشارات تهدئة، من خلال جولات لوزير خارجيتها في السعودية وقطر، وتأكيد استعدادها للتقدم في المفاوضات النووية الجارية في مسقط.

يرى الباحث الإيراني فؤاد إيزدي أن تركيز واشنطن خلال الزيارة انصب على الجوانب الاقتصادية، مع تراجع نسبي في أولوية التصعيد مع إيران، نتيجة تطور العلاقات الخليجية–الإيرانية خلال العامين الأخيرين، ووعي المنطقة بمخاطر التصعيد.

ويضيف إيزدي أن إيران ترى في وجود القواعد الأميركية في الخليج تهديدًا محتملًا في حال اندلاع مواجهة، لكنها لا تسعى إلى التصعيد، بل إلى تحصين الجبهة الداخلية وتوسيع علاقاتها الاقتصادية الإقليمية، مع التحذير من السماح للكيان الإسرائيلي بجرّ المنطقة إلى حرب جديدة.

تكشف ردود الفعل الإقليمية أن زيارة ترامب أحدثت خلخلة في المحاور التقليدية، وأربكت الحسابات الإسرائيلية، فيما أظهرت المقاومة الفلسطينية مرونة مشروطة بوقف العدوان، ورفضًا قاطعًا لخطط التهجير، أما إيران، فقد تعاملت بحذر مع التحولات، محاولة تفادي التصعيد، مع متابعة دقيقة لإعادة تموضع الخليج في خارطة التحالفات الأميركية الجديدة، وكل ذلك يؤكد أن القضية الفلسطينية ما زالت محورًا محوريًا في اشتباك إقليمي ودولي مفتوح.

سابعًا: انعكاسات زيارة ترامب على القضية الفلسطينية – دعم للاحتلال وترويج لمشاريع التهجير

كشفت زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المنطقة عن عمق الانحياز الأميركي للاحتلال الإسرائيلي، وغياب أي التزام سياسي أو أخلاقي تجاه الحقوق الفلسطينية، فقد شكّلت خطاباته وتصريحاته سلسلة من الرسائل السلبية التي أعادت تعريف الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي ضمن إطار أمني ضيق، يبرّئ الاحتلال، ويجرّم المقاومة، ويتجاهل الاحتلال العسكري والحصار، ومأساة غزة المتفاقمة.

1. تبنٍّ كامل للسردية الإسرائيلية وتبرئة للاحتلال

حمّل ترامب حركة حماس المسؤولية الكاملة عن هجوم 7 أكتوبر، واصفًا ذلك اليوم بأنه "من أسوأ الأيام في تاريخ الشرق الأوسط"، وزعم أن ما جرى لم يكن ليحدث لو كان هو في الرئاسة، لأن "إيران كانت مفلسة، ولم تكن لتستطيع تمويل حماس"، بذلك يعيد ترامب صياغة الرواية وفق معادلة تبسيطية: "إسرائيل" ضحية، وحماس أداة إيرانية، متجاهلًا جذور الصراع في الاحتلال والتطهير العرقي والسياسات الاستعمارية.

خطابه حول غزة افتقر لأي إشارة إلى وقف العدوان أو محاسبة الكيان الإسرائيلي، وبدلًا من ذلك، اكتفى بتعليقات عاطفية منزوعة المحتوى السياسي، مثل قوله: "الناس في غزة يُعاملون بطريقة فظيعة... إنه أمر مروّع"، ليُتبعها باتهام مباشر لحماس بأنها تعذّب الأبرياء، في محاكاة خطاب الاحتلال.

2. ترويج علني لخطط التهجير وتصفية القطاع سياسيًا

أخطر ما حملته زيارة ترامب كان تكرار دعوته إلى تحويل غزة إلى "منطقة حرة"، واقتراحه أن تمتلكها الولايات المتحدة، في تصريحات صادمة تُعبّر عن مشروع واضح لتفريغ القطاع وتهجير سكانه، تحت غطاء إعادة الإعمار، قال ترامب: "إذا لزم الأمر، أعتقد أنني سأكون فخورًا لو امتلكت الولايات المتحدة غزة وجعلتها منطقة حرة... لا توجد أي مبانٍ قائمة، يعيش الناس تحت أنقاض المباني المنهارة، إنه أمر غير مقبول".

هذه التصريحات تأتي في سياق خطة غير معلنة رسميًا، لكنها متداولة إعلاميًا، تفيد بوجود توجه أميركي–إسرائيلي لتهجير مئات آلاف الفلسطينيين من غزة إلى دول أخرى، بينها ليبيا، حيث رُصدت تحركات عسكرية وسياسية مقلقة، بالتزامن مع تسريبات عن اتصالات لإعادة توطين لاجئين فلسطينيين في دول أفريقية.

3. تجاهل كامل لحل الدولتين ومبادرات السلام

في ظل هذه الطروحات، غاب تمامًا أي ذكر لحل الدولتين أو الاعتراف بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، ورغم مطالبة رئيس مجلس التعاون الخليجي بوقف العدوان والتوصل إلى حل عادل، تجاهل ترامب هذه المطالب كليًا، ولم يُقدّم أي مبادرة سياسية، ولا حتى تحديث لصيغة "صفقة القرن" السابقة.

بدلًا من ذلك، ركّز ترامب على الترويج لاتفاقيات أبراهام، ودعا علنًا السعودية للانضمام إليها، معربًا عن رغبته في انضمام دول أخرى، منها سوريا، مقابل رفع العقوبات، وهذه المقاربة القائمة على صفقات منفردة تتجاهل الحقوق الفلسطينية وتُفرغ الصراع من أبعاده التحررية.

4. تواطؤ مع التوسع العسكري الإسرائيلي وتجاهل للمجازر

في الوقت الذي كان فيه الكيان الإسرائيلي يوسّع عملياته العسكرية في غزة والضفة، ويُمعن في ارتكاب المجازر، غادر ترامب المنطقة فخورًا بما حصّله من صفقات قاربت 4 تريليونات دولار، ولم يقدّم للغزيين سوى وعود بإرسال الطحين والمطابخ المتنقلة، في مشهد يعكس احتقارًا ضمنيًا للكرامة الفلسطينية، وتواطؤًا مع الإبادة الجارية.

وفيما كانت إدارة ترامب تناقش إدخال مساعدات محدودة لغزة، كانت صحف أميركية وإسرائيلية تسرّب معلومات عن "خطة أميركية لنقل مليون فلسطيني إلى ليبيا"، وتزامن ذلك مع اشتباكات في طرابلس، وتحركات عسكرية مريبة، ما يعزز مخاوف الفلسطينيين من مشروع تهجير جماعي تحت غطاء إنساني.

جاءت زيارة ترامب لتؤكد أن إدارته لا تعترف بفلسطين كقضية تحرر، بل تراها عبئًا جيوسياسيًا يجب التخلص منه، ولم تحمل الزيارة أي التزام سياسي، بل شكّلت تسويقًا لخطط التهجير وإعادة الإعمار المفروضة، وسط تغييب تام للمرجعية الدولية، في المقابل، يُفترض أن يشكّل هذا التحول دافعًا وطنيًا فلسطينيًا لبناء رؤية استراتيجية ترفض التصفية التدريجية للقضية، وتُعيد الاعتبار لها كقضية تحرر لا ملفًا إنسانيًا يُدار دوليًا.

ثامنًا: خلاصة – حضور فلسطين في الظل وغياب الحلول

أظهرت زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الخليج، في ظل تصاعد الحرب على غزة، تقاطعات جديدة في خارطة التحالفات الإقليمية والدولية، كان أبرزها توثيق العلاقة الاقتصادية والأمنية بين الولايات المتحدة ودول الخليج، وتراجع التنسيق الاستراتيجي مع الكيان الإسرائيلي بقيادة بنيامين نتنياهو، وقد بدا جليًا أن ترامب يسلك طريقًا مختلفًا عن سلفه بايدن، إذ يقدّم مصالحه الاقتصادية والأمنية بمعزل عن أي التزام تجاه مشروع سياسي متكامل لتسوية الصراع العربي–الإسرائيلي.

 

فصل المسارات وتهميش فلسطين

تكشف مداولات القمة الخليجية–الأميركية أن الولايات المتحدة وافقت ضمنيًا على فصل المسار الفلسطيني عن أجندة التعاون مع الخليج، وهو ما كانت تطالب به السعودية والإمارات تحديدًا. فالمطالب الخليجية بإدماج البعد الفلسطيني كشرط للتطبيع لم تلقَ تجاوبًا، بل جرى تجاهلها بشكل شبه كامل، رغم وضوح المطالب الخليجية بضرورة وقف الحرب على غزة، والاعتراف بالدولة الفلسطينية.

وقد ساعد في هذا الفصل تراجع الحماس السعودي لاتفاق دفاع مشترك مع واشنطن، بعد تحسّن العلاقات مع إيران، وتوسيع شراكاتها مع الصين وروسيا، ما سمح لها بالتفاوض من موقع أكثر استقلالية، أما ترامب، فبدوره تعامل مع الملف الفلسطيني كعبء تفاوضي لا أولوية سياسية، مفضلًا تحقيق صفقات اقتصادية واستثمارات، والظهور بموقف متفرد تجاه طهران وغزة حتى لو تعارض ذلك مع أولويات نتنياهو.

تآكل الدور الإسرائيلي وصعود الخليج كمحور تفاوضي

برزت مؤشرات لافتة على تراجع قدرة نتنياهو على التأثير في القرار الأميركي، خاصة مع دخول واشنطن في مفاوضات غير مباشرة مع حركة حماس، وتجاوز الكيان الإسرائيلي في ترتيبات إدارة الحرب وملف الأسرى، ومع أن هذا لا يعني تحولًا جوهريًا في الموقف الأميركي من الكيان الإسرائيلي، إلا أنه يُظهر نزعة جديدة لدى ترامب للفصل بين مصالح واشنطن وتحالفاتها التقليدية، إذا تعارضت مع حساباته.

ورغم أن أهالي الرهائن الإسرائيليين شكروا ترامب على دوره، وتجاهلوا نتنياهو، فإن هذا لم ينعكس في تحسين موقع الفلسطينيين سياسيًا، إذ لم تترجم هذه المتغيرات إلى دعم فعلي لحقوق الفلسطينيين، بل ظلَّت واشنطن تكرّس المعادلة القائمة: صفقات بلا التزامات، وإعمار مشروط بلا حقوق.

لا اختراق سياسي... ولا وعد حقيقي

لم تُترجم مواقف قادة الخليج الداعية إلى وقف العدوان وقيام دولة فلسطينية إلى خطوات عملية أميركية، فاكتفى ترامب بتصريحات عاطفية حول المأساة الإنسانية في غزة، دون التطرق إلى وقف الحرب أو دعم خطة الإعمار العربية، كما لم يصدر أي تصريح أو إشارة إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، رغم ما روّجت له بعض التسريبات الإعلامية.

وفي المقابل، واصل ترامب الترويج لمشاريع التهجير تحت غطاء إعادة الإعمار، وكرّر دعوته إلى تحويل غزة إلى "منطقة حرة" أو "ريفييرا" تديرها الولايات المتحدة، ما يعكس تبنّيًا لخطة ناعمة لتفريغ القطاع من سكانه.

 

 

مؤشرات جديدة من أوروبا... وصمت عربي رسمي

في حين برزت بوادر تحول في الموقف الأوروبي، خاصة من إسبانيا وإيرلندا والنرويج، التي طالبت بوقف فوري للحرب، فإن القمة العربية الأخيرة في بغداد لم تقدّم جديدًا يُذكر، ما ترك الأردن ومصر شبه وحيدتين في مواجهة المشروع التهجيري الإسرائيلي.

خلاصة عامة

لم تحقق زيارة ترامب أي اختراق جوهري لصالح فلسطين، بل أعادت تأكيد غياب الإرادة السياسية الأميركية لدفع أي تسوية عادلة، وشرعنت مقاربة جديدة تُحوّل غزة إلى ملف إداري وتجاري، لا سياسي أو وطني، ورغم التباعد النسبي بين ترامب ونتنياهو، إلا أن هذا لم يُترجم إلى مكاسب فلسطينية، بل فُسح المجال لمشاريع أكثر خطورة على مستقبل القضية.

لكن في المقابل، فإن استمرار صمود غزة، وفعالية المقاومة، وتصاعد الضغوط الداخلية والخارجية على الكيان الإسرائيلي، كلها عوامل قد تُقرب لحظة التحوّل، وتُرغم الاحتلال في النهاية على النزول عن الشجرة، وقد تفرض المقاومة شروطها، إذا ما امتلك الفلسطينيون مشروعًا سياسيًا موحدًا، وتحركوا لاستعادة المبادرة قبل فوات الأوان.

تاسعًا: توصيات – من التفاعل إلى الفعل السياسي

في ضوء ما كشفته زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من محاولات لإعادة تعريف الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي على أسس اقتصادية–أمنية، ومع تصاعد المخاطر المرتبطة بخطط التهجير وتصفية القضية، تصبح الحاجة إلى تحرك فلسطيني شامل وفعّال أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، وفي هذا السياق، توصي الورقة بما يلي:

  1. التحرك العاجل على كافة المستويات القانونية والدبلوماسية والإعلامية من أجل وقف فوري للعدوان على غزة.
  2. الضغط على الأطراف الدولية لضمان فتح المعابر، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية، ضمن آلية فلسطينية–دولية محايدة.
  3. تعزيز الجبهة الداخلية في القطاع، وتثبيت مقومات الصمود الشعبي، ومقاومة محاولات تفريغ غزة من سكانها تحت ذرائع إنسانية.
  4. تفعيل مخرجات اتفاق الفصائل الفلسطينية في بكين (تموز/يوليو 2024)، وتشكيل قيادة وطنية موحدة، على أساس الشراكة السياسية وتمثيل الكل الفلسطيني.
  5. إعادة طرح مبادرة فلسطينية شاملة تضع الاحتلال في مأزق سياسي وقانوني، من خلال تأكيد الالتزام بالقانون الدولي ورفض التسويات المجتزأة أو الإملاءات الخارجية.
  6. مواجهة الطروحات الأميركية والإسرائيلية الرامية إلى تحويل غزة إلى منطقة حرة أو كيان عقاري بلا سيادة.
  7. التأكيد على أن أي خطة لإعادة الإعمار يجب أن تتم بمشاركة فلسطينية كاملة، وترتبط برفع الحصار والاعتراف بالحقوق الوطنية.
  8. بناء تحالف عربي وإسلامي وأممي رافض لخطط التهجير، ومواجهة أي ضغوط على الدول المجاورة لقبول إعادة توطين الفلسطينيين.
  9. إعادة تعريف المشروع الوطني الفلسطيني بوصفه مشروع تحرر، لا مشروع دولة منقوصة السيادة.
  10. تطوير استراتيجية مقاومة وطنية تتكامل فيها الأشكال بما فيها السياسية والجماهيرية والدبلوماسية والميدانية، وتعكس التغير في ميزان القوى.
  11. إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية كمظلة جامعة تمثل الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، وتكون قادرة على خوض معركة الاستقلال والتحرر.
مشاركة :

الأكثر قراءة :

الجماعات الدينية اليهودية الداعمة لاقتحامات المسجد الأقصى وتنظيم...

المخطط الإسرائيلي لاقتطاع مساحة من "الأقصى" لصالح المستوطنين

انتخابات الكنيست من وجهة نظر المقاطعين

ذات صلة :

الجماعات الدينية اليهودية الداعمة لاقتحامات المسجد الأقصى وتنظيم...

المخطط الإسرائيلي لاقتطاع مساحة من "الأقصى" لصالح المستوطنين

انتخابات الكنيست من وجهة نظر المقاطعين

الوسوم :

  • الحرب على غزة
  • حرب الإبادة على قطاع غزة

من نحن

  • رؤية المركز و أهدافه
  • شركاؤنا
  • كُتاب
  • باحثو المركز
  • عناوين
  • الهيئة الاستشارية
  • باحثون آخرون
  • منصات تواصل

الأقسام

  • أنشطة وفعاليات
  • إصدارات
  • ملفات
  • قضايا إقليمية
  • شؤون منوعة
  • استطلاعات رأي
  • ترجمات خاصة
  • موسوعة المركز
  • مكتبة هاشم ساني

تواصل معنا

  • فلسطين - غزة
  • 500500500+
  • test@gmail.com
مركز فلسطيني غير ربحي، يُعنى بالشؤون السياسية والتنموية الخاصة بالقضية الفلسطينية على الصعيدين المحلي والعالمي ...
جميع الحقوق محفوظه © لمركز الدراسات الساسية و التنموية 2025
  • برمجة و تطوير هاي فايف