مركز الدراسات الساسية و التنموية
مركز الدراسات الساسية و التنموية
  • الرئيسية
  • من نحن
    • رؤية المركز و أهدافه
    • الهيئة الاستشارية
    • شركاؤنا
    • باحثو المركز
    • باحثون آخرون
    • كُتاب
    • التواصل معنا
      • عناوين
      • منصات تواصل
  • أنشطة وفعاليات
    • ندوات
    • ورش عمل
    • لقاءات خاصة
    • مؤتمرات
    • دورات تدريبية
    • احتفالات
  • إصدارات
    • أوراق بحثية
    • تقارير
    • كتب
    • سياسية
    • إعلامية
    • تنموية
    • منوعة
    • ...
  • ملفات
    • القدس
    • الأسرى
    • الاستيطان
    • فلسطنيو 48
    • فلسطنيو الشتات
    • اللاجئون
    • المنظمة
    • السلطة
    • البرلمان
    • القضاء
    • الحكومة
    • الحقوق
    • الحريات
    • الشباب
    • المرأة
    • الأطفال
    • ذوي الهمم
    • ...
  • قضايا إقليمية
    • الشرق الأوسط
    • آسيا
    • الخليج العربي
    • شمال أفريقيا
    • أوروبا
    • الولايات المتحدة
    • كندا
    • بنما
    • أميركا اللاتينية
    • أستراليا
  • شؤون منوعة
    • فكر و سياسة
    • قيادات و أحزاب
    • ثقافة
    • اقتصاد
    • رياضة
    • علوم
    • تعليم
    • قانون
    • تاريخ
    • فن
    • أدب
    • إعلام
  • أرشيف
    • وثائق pdf
    • صور
    • فيديو
    • بودكاست
    • استطلاعات رأي
    • ترجمات خاصة
    • موسوعة المركز
      • شخصيات
      • أحداث
      • أماكن
    • مكتبة هاشم ساني
      • القسم السياسي
      • شؤون فلسطينية
      • القسم الثقافي
      • شؤون إسرائيلية
      • شؤون إسلامية
      • اللغة و المعرفة
      • العلوم
      • الإعلام
      • الأدب
      • ...

سلاح المقاومة الفلسطينية: بين ضرورات التحرير وتحديات المرحلة

  • CPDS - غزة
  • الخميس , 29 مايو 2025
  • تقارير
سلاح المقاومة الفلسطينية:  بين ضرورات التحرير وتحديات المرحلة

 

مركز الدراسات السياسية والتنموية

مقدمة

منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة منتصف القرن العشرين، ظلّ السلاح الفردي والخفيف هو الرفيق الدائم للفلسطيني المقاوم، لا باعتباره ترسانة عسكرية تُوازن قوة الاحتلال، بل كرمز للصمود والبقاء والمقاومة المستمرة في وجه مشروع استعماري إحلالي يمتلك واحدة من أقوى آلات الحرب في العالم.

لم تُعرَف المقاومة الفلسطينية في يومٍ ما بامتلاكها قاذفات جوية أو منظومات دفاع صاروخية متطورة أو دعم تسليحي غير مشروط، بل تميزت دومًا بأنها مقاومة إرادة وموقف، تقاتل بما تملك، وتحمل في بندقيتها المختزلة أملًا يتجاوز حدود النار والحديد.

ورغم التطور النسبي الذي شهده سلاح الفصائل، خاصة في غزة، من حيث القدرة على تصنيع صواريخ محلية الصنع أو إدخال بعض التقنيات التكتيكية، إلا أن هذا السلاح بقي في جوهره بسيطًا ومتواضعًا، محدود الأثر أمام القوة التدميرية الإسرائيلية، لكنه، مع ذلك، لا يزال يحمل في الوعي الجمعي الفلسطيني وزنًا رمزيًا يفوق وزنه العسكري الواقعي، بوصفه عنوانًا للمقاومة، ودليلًا على أن روح النضال لم تُهزم رغم الحصار والخذلان والانقسام.

ويُقرّ القانون الدولي الإنساني، ولا سيما البروتوكول الأول الإضافي لاتفاقيات جنيف (1977)، بحق الشعوب الواقعة تحت الاحتلال في مقاومة القوة المحتلة، بما في ذلك الكفاح المسلح. وقد أكدت الأمم المتحدة هذا الحق في قرارها (37/43) لعام 1982.

وبذلك، فإن سلاح المقاومة الفلسطينية يُعد قانونيًا ومشروعًا ما دام موجهًا ضد الاحتلال، وليس "إرهابًا" كما تسوّق الرواية الإسرائيلية.

تأتي هذه الورقة لتبحث في مستقبل سلاح المقاومة الفلسطينية ضمن هذا الإطار الواقعي، لا الدعائي أو الانفعالي، مستندة إلى ما يحمله السلاح من دلالات وطنية، وإلى ما فرضته المرحلة الراهنة – خاصة بعد الحرب الممتدة على غزة منذ أكتوبر 2023 – من تحولات في نظرة الشارع الفلسطيني إليه، وفي ظل عودة الحديث عن شروط تسليم السلاح سواء من الاحتلال أو أطراف إقليمية ودولية أو حتى فلسطينية مثل السلطة الفلسطينية.

فهل ما زال السلاح يُنظر إليه كدرع وطني لا غنى عنه؟ أم أن الكلفة البشرية والإنسانية المتراكمة أعادت فتح النقاش حول جدواه، ووظيفته، وحدوده؟

وفي هذا السياق، يتم تناول سلاح حركة حماس بوصفها الفصيل الأبرز في الساحة الميدانية حاليًا، لا بوصفها الحالة الوحيدة، من أجل قراءة أكثر اتزانًا لتحديات هذه المرحلة، وإمكانيات صياغة مشروع مقاوم مستقبلي يراعي توازنات القوة من جهة، وحاجات المجتمع الفلسطيني من جهة أخرى.

1. جذور المقاومة الفلسطينية المسلحة:

 ثورة البراق (1929): البندقية الأولى في يد الجماهير

شهدت فلسطين في نهايات عشرينيات القرن الماضي انتفاضة مسلحة عُرفت بـ"ثورة البراق"، إثر محاولة الاستيطان اليهودي الاستيلاء على حائط البراق الشريف.

كانت هذه أولى بوادر التنظيم الشعبي المسلح ضد الاحتلال البريطاني والوجود الصهيوني، وتم فيها استخدام السلاح بشكل مباشر، ووقع خلالها عشرات الشهداء والجرحى من الفلسطينيين.

 الثورة الفلسطينية الكبرى (1936–1939): التأسيس الحقيقي للكفاح المسلح

تُعد الثورة الفلسطينية الكبرى التي فجرها الشيخ عز الدين القسام وشارك فيها مجموعات الفلاحين والمجاهدين أوسع وأشمل عمل مسلح عرفته فلسطين قبل نكبة 1948، في القرى والجبال، واستمرت ثلاث سنوات، استخدمت خلالها البندقية كسلاح رئيسي في مواجهة الجيش البريطاني والعصابات الصهيونية.

بلغ عدد الشهداء أكثر من 5000، وجرى خلالها تنظيم كمائن، واغتيالات، ومواجهات شبه منتظمة.
هي الثورة التي وضعت الأساس الحقيقي لمفهوم المقاومة المسلحة كخيار وطني، وتم فيها تداول السلاح كأداة تحرر جماهيري.

 النكبة (1948) والكتائب الشعبية المسلحة

قبيل وأثناء نكبة عام 1948، قاتلت كتائب مسلحة شعبية غير نظامية إلى جانب جيوش عربية، خاصة في حيفا، يافا، والقدس.

 

أمثلة بارزة:

  • عبد القادر الحسيني وقوات "جيش الجهاد المقدس".
  • متطوعون فلسطينيون في "جيش الإنقاذ العربي".

رغم ضعف التسليح والتنظيم، فقد كان السلاح حاضرًا في المعركة الوجودية، وارتبط بالفداء الشعبي لا بالقرار الرسمي العربي فقط.

 فترة ما بعد النكبة (1948–1965): الكمون المسلح لا الانقطاع

لم يتوقف الفلسطينيون عن محاولة حمل السلاح بعد 1948، بل انحسر بفعل الواقع الجغرافي والسياسي، لكنه استمر عبر:

  • عمليات تسلل مسلح عبر الحدود ("الفتوّات").
  • مجموعات من اللاجئين في لبنان وسوريا، سعت للقيام بعمليات فردية ضد الاحتلال.

وبالتالي، حين نفذت حركة "فتح" عمليتها الشهيرة في نفق عيلبون عام 1965، لم تكن تلك البداية التاريخية للمقاومة المسلحة، بل كانت بداية تنظيم سياسي منظم لحمل السلاح تحت هوية فلسطينية مستقلة، خارج الوصاية الرسمية العربية.

3.من الرمز إلى المأزق: تحولات في وظيفة السلاح

أولًا: ما قبل أوسلو – البندقية والسياسة في مسار واحد

طوال عقود ما قبل اتفاق أوسلو (1993)، شكّل السلاح في السياق الفلسطيني حالة من الوحدة المتكاملة بين الكفاح المسلح والمشروع السياسي الوطني، ولم يكن السلاح حينها منفصلًا عن القرار السياسي، بل كان يُنظر إليه كأداة لتحقيق الهدف السياسي الأعلى: تحرير فلسطين.

لقد مثّلت منظمة التحرير الفلسطينية، رغم تعدد فصائلها، نموذجًا لهذا التكامل، فعلى سبيل المثال، كانت كتائب الفداء الفتحاوي، والجبهة الشعبية بعملياتها الخارجية، وجيش التحرير الفلسطيني، كلها أدوات عسكرية تعمل ضمن الرؤية السياسية للمنظمة، وتحت سقفها السياسي.

وقد ظهر هذا التلاحم جليًا خلال اجتماعات المجلس الوطني الفلسطيني (لا سيما في دورته الثالثة عشرة عام 1974)، حين أقرّ البرنامج المرحلي الذي أكد على استمرار الكفاح المسلح مع الانفتاح على فكرة الدولة المستقلة على أي جزء محرر، دون أن يُفرّط بالسلاح كأداة استراتيجية، آنذاك، كان يُقال إن:

"البندقية تُوجّه القرار، ولكن لا تنقلب عليه" — في إشارة إلى تكامل الأداة العسكرية مع الهدف السياسي.

ثانيًا: ما بعد أوسلو – الانقسام حول السلاح وميلاد مشروع "نزع السلاح مقابل الدولة"

مع توقيع اتفاق أوسلو عام 1993، دخلت القضية الفلسطينية مرحلة جديدة اتسمت بتغيير جذري في موقع السلاح داخل المشروع الوطني، فقد نصّت الاتفاقيات الأمنية بين السلطة الفلسطينية والكيان الإسرائيلي على "منع النشاطات المسلحة"، وفرضت على السلطة تفكيك بنية المقاومة داخل مناطقها، ومنع ما وصفته بـ"أعمال الإرهاب"، وهو ما وضع السلاح الفلسطيني أمام مفترق طرق وجودي.

أدى هذا التحول إلى انقسام حاد في الجسم السياسي الفلسطيني بين:

  • تيار يرى أن المرحلة تتطلب بناء مؤسسات الحكم والانخراط في المسار التفاوضي، وبالتالي تحييد العمل المسلح.
  • وتيار آخر يرى أن التخلي عن السلاح هو بداية نهاية المشروع الوطني، وأن السلطة تتحول من مشروع تحرري إلى جهاز إداري يُدار تحت الاحتلال.

وبينما التزمت "فتح" – بصفتها الطرف الحاكم – بالالتزامات الأمنية، وشرعت بتفكيك كثير من الخلايا المسلحة التابعة لها، تمسكت حركتا حماس والجهاد الإسلامي بالسلاح، معتبرتين أن أوسلو تنازل استراتيجي لا يلزم الفصائل المقاومة التي لم تكن أصلًا طرفًا فيه.

وقد عبّر الدكتور فتحي الشقاقي، مؤسس حركة الجهاد الإسلامي، عن هذا الموقف بقوله:

"من يتنازل عن البندقية يتنازل عن فلسطين، ومن يراهن على التسوية، سيجد نفسه خارج التاريخ".

هكذا، بدأ يظهر تدريجيًا خطاب إسرائيلي – دولي يسعى إلى ربط أية عملية سياسية مستقبلية بنزع سلاح المقاومة، تحت عنوان "نزع السلاح مقابل الدولة"، ما فتح الباب لصدام مفاهيمي بين الدولة المقاومة والدولة المجردة من أدوات الردع.

وذلك بالرغم من أن القائد الفتحاوي صلاح خلف (أبو إياد) كان قد عبر عن موقفه الحاسم من سلاح المقاومة بقوله: "إن الفلسطيني إذا تخلّى عن سلاحه، يصبح مجرد متسوّل على أبواب السياسة العربية والدولية." وأضاف في تحذير لاذع: "الذي يذهب إلى المفاوضات ويتخلى عن سلاحه، كمن يذهب إلى السوق بلا بضاعة… بل هو كالحمار." هذه الأقوال تلخص رؤية تيار وطني أصيل اعتبر أن السلاح ليس أداة قتال فحسب، بل شرط للكرامة والسيادة السياسية.

 

علماً أن فصائل أخرى مثل الجبهة الشعبية وبعض تشكيلات فتح حافظت أيضًا على تمسكها بسلاحها، وقد استخدمته بشكل فعال في انتفاضة الأقصى (الثانية) ضد جيش الاحتلال.

ثالثًا: أحداث 2007 – سلاح المقاومة في غزة من مشروع تحرير إلى أداة حكم

شكّلت أحداث يونيو 2007، والتي انتهت بسيطرة حركة حماس على قطاع غزة وإقصاء أجهزة السلطة منه، نقطة تحوّل مفصلية في وظيفة السلاح الفلسطيني، إذ انتقل السلاح – للمرة الأولى – من كونه أداة مواجهة مع الاحتلال فقط، إلى أداة لحسم الصراع الداخلي، ثم إلى سلاح يخدم متطلبات الحكم والإدارة في قطاع محاصر ومفصول جغرافيًا وسياسيًا عن الضفة الغربية.

منذ ذلك الحين، أصبح سلاح حماس – وكتائب القسام تحديدًا – يشكّل في نظر مؤيدي الحركة درعًا أمنيًا يحمي المقاومة من الاجتثاث، ويؤمّن الاستقرار الداخلي في وجه محاولات اختراق خارجية، ولكنه، في نظر منتقديها، تحوّل إلى وسيلة لفرض سلطة أحادية، وإقصاء الخصوم، ومنع التعدد السياسي، حتى ضمن فصائل المقاومة نفسها.

وقد ازدادت هذه المعضلة تعقيدًا مع الانقسام المستمر، وتعطل المصالحة الفلسطينية، وتراكم الأزمات الإنسانية في غزة، ما دفع قطاعات من المجتمع إلى طرح أسئلة جدية حول دور هذا السلاح: هل لا يزال أداة تحرير؟ أم أصبح جزءًا من بنية سلطة لم تعُد قادرة على تحمّل كلفته؟

في هذا السياق، برزت مطالب دولية متكررة – خاصة بعد كل مواجهة عسكرية – لنزع سلاح غزة كشرط لأي إعادة إعمار أو تسوية مستقبلية، وكان وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جون كيري قد صرّح عام 2014 بعد العدوان على غزة:

"لا يمكن الحديث عن تهدئة مستدامة في غزة دون تفكيك القدرات الصاروخية لحماس".

4. سلاح حماس: بين الصدارة العسكرية والتحديات المجتمعية

أولًا: قدرات ميدانية في قلب محور المقاومة

منذ اندلاع الانتفاضة الثانية، بدأت حركة حماس في تطوير بنيتها العسكرية بشكل نوعي عبر جناحها المسلح، كتائب عز الدين القسام، مستفيدة من تجربتها الميدانية الطويلة، ومن الدعم المتراكم من محور المقاومة، وخاصة إيران وحزب الله، وقد شهدت السنوات الأخيرة قفزات ملحوظة في قدراتها:

  • تصنيع محلي لمجموعة من الصواريخ قصيرة وبعيدة المدى كـ"القسام"، "عياش 250"، و"R160" .
  • بناء شبكات أنفاق قتالية هجومية ودفاعية تمتد عشرات الكيلومترات.
  • تطوير قدرات تكتيكية في إدارة الاشتباك البري والكمائن المضادة للدروع.
  • استخدام الطائرات المسيّرة لأغراض الاستطلاع والهجوم، رغم تواضعها التقني مقارنة بالإمكانات الإسرائيلية.

برز هذا التطور بشكل واضح في محطات مواجهة حاسمة، مثل:

  • معركة "العصف المأكول" (2014)، التي نجحت فيها حماس في شلّ مدن إسرائيلية كبرى بالصواريخ، وإحداث اختراقات على الحدود.
  • معركة "سيف القدس" (2021)، التي مثّلت تحولًا رمزيًا حين ربطت المقاومة بين غزة والقدس، وردّت عسكريًا على انتهاكات الاحتلال في المسجد الأقصى.
  • وأخيرًا، عملية "طوفان الأقصى" (7 أكتوبر 2023)، التي أحدثت صدمة استراتيجية في الكيان الإسرائيلي، سواء من حيث الحجم أو العمق، رغم ما تبعها من حرب إبادة وحصار شامل على غزة.

كل هذا وضع حماس في موقع الصدارة داخل معسكر المقاومة الفلسطينية، وربط سلاحها – في وعي قطاعات كبيرة – بالقدرة على المبادرة، وكسر "صورة الكيان الإسرائيلي التي لا تُقهر" .

ثانيًا: نظرة الشارع الفلسطيني إلى سلاح حماس – بين الدعم والتساؤل

استطلاعات الرأي الأخيرة، وخاصة تلك التي أجراها المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية (1–4 مايو 2025)، تُظهر نظرة معقدة ومركّبة للشارع الفلسطيني تجاه سلاح حماس.

  • 85% من سكان الضفة الغربية، و64% من سكان غزة يعارضون نزع سلاح حماس، ويؤمنون بأنه يجب أن يبقى ما دام الكيان الإسرائيلي قائم.
  • 88% من الفلسطينيين يرون أن نزع السلاح لن يُنهي الحرب، ما يعكس قناعة واسعة بأن السلاح ليس هو المشكلة، بل الاحتلال ذاته.

لكن بالمقابل:

  • الرضا عن أداء حماس خلال الحرب تراجع في غزة إلى 43% فقط، مقارنة بـ67% في الضفة، وهو تراجع لافت يُظهر أثر الحرب المدمرة على المزاج الشعبي في القطاع.
  • 48% من سكان غزة أيّدوا المظاهرات المناهضة لحماس، في حين عارضها 50%، واعتبر 54% أنها بتحريض خارجي – ما يكشف انقسامًا داخليًا حادًا، ناتجًا عن الظروف المعيشية القاسية أكثر مما هو خلاف على خيار المقاومة ذاته.

تدل هذه المؤشرات على وجود تناقض بنيوي في المزاج العام: تأييد استراتيجي مبدئي لسلاح المقاومة، مقرون بتضجر يومي من تبعات الحرب والحصار، خاصة حين يُنظر إلى السلاح كجزء من سلطة سياسية حاكمة.

ثالثًا: من الصدارة إلى الضغط – أزمة الشرعية تحت نيران الحرب

الحرب الممتدة منذ أكتوبر 2023 – التي صُنّفت باعتراف خبراء أمميين وحقوقيين كـ"حرب إبادة" – فرضت واقعًا مأساويًا على سكان غزة: مئات آلاف المهجّرين، آلاف الشهداء، دمار شامل للبنية التحتية، ومجاعة تهدد الحياة اليومية، هذا الواقع، وإن لم يلغِ تأييد فكرة المقاومة، أضعف من الخطاب التعبوي التقليدي حول السلاح، وبدأ يُعيد النقاش الداخلي حول:

  • هل يكفي أن تملك سلاحًا لتقود المشروع الوطني؟
  • وهل الاستعداد للتضحية يعني تفويضًا مفتوحًا لتحمّل كلفة لا سقف لها؟

أمام هذا المشهد، يواجه سلاح حماس تحدّيًا مزدوجًا:

  • خارجيًا: يتمثل في الضغط الدولي المتزايد لنزعه أو تحييده، كشرط لإعادة الإعمار.
  • وداخليًا: يتمثل في مطالبات بتنظيم قراره السياسي والعسكري ضمن مرجعية وطنية موحّدة، بدلًا من بقائه في يد فصيل واحد، حتى لو كان يمتلك الشرعية القتالية.

مع ذلك، تظل حقيقة أن حماس هي الطرف الوحيد الذي يملك سلاحًا فعّالًا ومهيكلًا في الميدان، في حين أن السلطة الفلسطينية، رغم امتلاكها "أجهزة أمنية"، تفتقر إلى السلاح المقاوم، بل تلتزم بـ"التنسيق الأمني" مع الاحتلال، وفق الاتفاقيات الموقّعة.

5. النقاش الداخلي الفلسطيني حول سلاح المقاومة

أولاً: موقف السلطة الفلسطينية بعد أوسلو – من قيادة المقاومة إلى ضبط السلاح

منذ توقيع اتفاق أوسلو عام 1993، حدث تحوّل جذري في موقف قيادة السلطة والمنظمة من سلاح الفصائل، وخاصة تلك التي رفضت الاتفاق أو لم تكن طرفًا فيه. فالاتفاقات الأمنية التي وقّعتها منظمة التحرير – ممثلة بحركة "فتح" – مع الاحتلال الإسرائيلي، ألزمت السلطة الفلسطينية بمنع أي عمل مسلح من داخل مناطقها، وتجفيف بنية المقاومة، وهو ما تم ترجمته فعليًا عبر إنشاء أجهزة أمنية مموّلة ومُدرّبة غربيًا، تحت غطاء "بناء مؤسسات الدولة".

وقد ورد في الملحق الأمني لاتفاقية أوسلو (اتفاق غزة–أريحا، 1994) نص صريح يربط بين استمرار العملية السياسية و"نزع سلاح الجماعات غير الشرعية"، وهي الصيغة التي كانت تستهدف تحديدًا حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وكل من لم يُقرّ بالمفاوضات كخيار استراتيجي.

في هذا السياق، لم تتوقف أجهزة الأمن الفلسطينية عن مصادرة الأسلحة، وتفكيك الخلايا، واعتقال المقاومين في الضفة الغربية، ضمن ما عُرف بـ"التنسيق الأمني"، الذي لا يزال قائمًا حتى اليوم، برغم قرارات المجلسين الوطني والمركزي بوقفه.

وقد صرّح رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مرارًا بأن:

"أنا ضد المقاومة المسلحة، وسأمنع أي انتفاضة مسلحة، ما دمت في هذا الموقع".

هذا الموقف أثار وما يزال انقسامًا حادًا في الشارع الفلسطيني، بين من يعتبره ضروريًا لحماية المشروع السياسي الفلسطيني القائم على التفاوض، ومن يراه تفريطًا بمكتسبات النضال ومساهمةً في تحييد جوهر القضية الفلسطينية.

علماً انه في مطلع الألفية وفي خضم انتفاضة الأقصى، برزت محاولات للرئيس ياسر عرفات لإعادة تفعيل خيار المقاومة، كما تجلّى في محاولة تهريب شحنة سلاح نوعية إلى الداخل الفلسطيني عبر سفينة "كارين A" عام 2002، بتمويل إيراني وتنسيق مع حزب الله، في دلالة على استمرار الرهان على العمل المسلح رغم ارتباطه بمشروع السلطة.

ثانيًا: السلاح بين من يراه رصيدًا استراتيجيًا ومن يعتبره عائقًا للحلول السياسية

في قلب النقاش الداخلي الفلسطيني، يكمن سؤال كبير: هل يشكّل سلاح المقاومة رافعة للمشروع الوطني، أم عقبة في وجه التقدم السياسي؟

  • أنصار المقاومة المسلحة، لا سيما في صفوف حماس والجهاد وبعض فصائل اليسار، يعتبرون أن السلاح هو ما يحفظ توازن الردع، ويمنع الاحتلال من فرض تسوية قسرية، ويُبقي القضية الفلسطينية حيّة في الوعي الإقليمي والدولي.
  • على النقيض، يرى قطاع من النخبة السياسية، وبعض فئات المجتمع المتضررة من الحرب والحصار، أن استمرار وجود سلاح خارج "الشرعية الرسمية" يُعقّد فرص الحل، ويمنح الاحتلال ذريعة لاستمرار الحصار والهجمات، كما أنه يُعرقل توحيد القرار الفلسطيني.

وتنعكس هذه الرؤيتان المتناقضتان في بنية الانقسام الفلسطيني منذ 2007، ففي حين تتمسك غزة بخيار السلاح بوصفه هوية سياسية وواقعية لحركة حماس، تتبنى السلطة في رام الله مقاربة سياسية تسعى إلى نزع السلاح، أو على الأقل تحييده، ضمن رؤية الدولة المنزوعة السلاح، كما نصت عليها "خريطة الطريق" و"مبادرة السلام العربية".

هذا التباين لا يعكس خلافًا عسكريًا فقط، بل تباينًا جذريًا في تعريف المشروع الوطني الفلسطيني نفسه:

  • هل هو مشروع مقاومة وتحرير؟
  • أم مشروع تسوية وبناء كيان سياسي ناقص السيادة تحت الاحتلال؟

ثالثًا: القوى الثالثة – بين الحياد والرغبة في إعادة هيكلة المشروع الوطني دون تجريد المقاومة

وسط هذا الاستقطاب، برزت طيلة السنوات الأخيرة ما يمكن تسميته بـ"القوى الثالثة" في المجتمع الفلسطيني، وهي مكوّنات متنوعة من شخصيات أكاديمية، ونقابية، وشبابية، ومجتمعية، وفصائل صغيرة، تحاول بلورة رؤية وطنية جديدة لا تُنكر شرعية السلاح، لكنها تطالب بتنظيمه ضمن استراتيجية وطنية جامعة.

هذه القوى، التي غالبًا ما تنشط خارج الاستقطاب الفتحاوي–الحمساوي، لا تطالب بنزع السلاح، لكنها تنتقد حالة "القرار العسكري غير الخاضع للمساءلة"، وترى أن السلاح يجب أن يخضع لمرجعية سياسية موحدة، لا أن يكون أداة لفصيل واحد يفرض من خلالها إرادته.

كما تدعو هذه القوى إلى:

  • تحقيق مصالحة فلسطينية حقيقية على أساس الشراكة لا المغالبة.
  • صياغة استراتيجية وطنية للمقاومة متعددة الأشكال، لا تقتصر على البندقية، بل تشمل النضال الشعبي، والدبلوماسي، والإعلامي.
  • تجاوز معادلة: إما السلاح أو الدولة، عبر التأكيد على إمكانية بناء كيان سياسي يحفظ الكرامة الوطنية دون الانزلاق إلى نزع السلاح كثمن للقبول الدولي.

ورغم أن هذه القوى لم تنجح بعد في كسر هيمنة القطبين (فتح وحماس)، إلا أن صعود نسبة من لا يؤيدون أيًا من الفصيلين (34% حسب استطلاع مايو 2025)، يدل على وجود فراغ سياسي قد يُعيد ترتيب أولويات الساحة الفلسطينية مستقبلًا، بما في ذلك إعادة طرح موضوع السلاح ضمن معادلة "تنظيمه لا نزعُه".

6. سلاح المقاومة في حسابات الإقليم والعالم

أولاً: الموقف الإسرائيلي والدولي – تجريم السلاح والمقايضة السياسية

منذ تصاعد نفوذ المقاومة الفلسطينية، لا سيما بعد الانتفاضة الثانية، ثم تعاظم قدرات الفصائل المسلحة في غزة، عمل الكيان الإسرائيلي بشكل منهجي على تجريم سلاح المقاومة، سواء عبر الإعلام الدولي، أو من خلال المنصات الدبلوماسية، أو عبر الضغط على الأطراف الغربية لإدراج حركات المقاومة على "قوائم الإرهاب".

وقد روّجت تل أبيب لفكرة أن سلاح الفصائل – وخاصة حماس – يشكل خطرًا على "الاستقرار الإقليمي" والأمن الدولي، رغم اختلال ميزان القوة بشكل صارخ لصالحها، وامتلاكها ترسانة نووية وصاروخية متطورة.

في السنوات الأخيرة، تبنّى المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، هذه الرؤية جزئيًا، حيث أصبح سلاح المقاومة يُطرح ضمن "صفقات مقايضة سياسية"، تتلخص في المعادلة التالية:

"نزع السلاح مقابل الاعتراف – الإعمار مقابل التهدئة – الدعم مقابل التخلي عن المقاومة".

أوضح مثال على ذلك ما جاء في خطة مبادئ "التهدئة طويلة الأمد" التي طرحها الوسطاء عام 2018، والتي تضمنت:

  • وقف إطلاق النار الدائم.
  • إعادة إعمار غزة.
  • مقابل شروط تتضمن نزع الصواريخ والأنفاق، وتسليم السلطة للجهات "الشرعية" في رام الله.

وبعد عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر 2023، عاد خطاب تجريد غزة من السلاح إلى الواجهة، كشرط أساسي يطرحه الكيان الإسرائيلي لأي "ترتيب ما بعد الحرب" .

رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو قال في نوفمبر 2023:

"لا يمكن السماح لغزة بأن تبقى تحت حكم إرهابي مسلح… يجب القضاء على قدرات حماس نهائيًا".

إلا أن هذا الطرح يصطدم بحقيقة ميدانية وشعبية: المقاومة باقية ومسلحة رغم الحصار والعدوان، والشارع الفلسطيني لا يقبل بسهولة تسليم سلاحه في ظل احتلال قائم وحقوق غير مستردة.

ثانيًا: المساعدات الدولية كأداة ضغط: "إعمار مقابل نزع السلاح"

منذ العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014، بدأ المجتمع الدولي – لا سيما عبر الأمم المتحدة والمانحين الغربيين – ربط المساعدات الإنسانية والإعمار بشرط سياسي وأمني جوهري: ضبط أو نزع سلاح الفصائل.

وقد تم إدخال هذا المفهوم في معظم النقاشات حول "إعادة إعمار غزة"، حتى باتت المعابر، والتمويل، وتراخيص المواد، مشروطة بعدم استخدام الموارد لتعزيز المقاومة.

في الحرب الجارية (2023–2025)، تصاعد هذا التوجه بشكل صارخ، حيث يُملي الكيان الإسرائيلي على المانحين شروطًا مسبقة، من أبرزها:

  • الإشراف الإسرائيلي المباشر أو غير المباشر على آليات الإعمار.
  • منع مشاركة "كيانات مصنفة إرهابية" في إدارة أو الاستفادة من المواد.
  • فرض وجود طرف ثالث (دولي أو عربي) يشرف على التوزيع، بشرط التزامه "بمعايير أمنية".

الأمم المتحدة رفضت بعض هذه الشروط، وأعلنت أكثر من مرة أن استخدام المساعدات كورقة ضغط هو "انتهاك للمبادئ الإنسانية، كما قالت منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية، لين هاستينغز، في ديسمبر 2023:

"لا يمكن استخدام المساعدات الإنسانية كأداة سياسية أو كوسيلة عقاب جماعي".

لكن الواقع لا يزال يسير في الاتجاه المعاكس، حيث تُستخدم المعاناة الإنسانية الهائلة في غزة كورقة ابتزاز سياسي لإجبار المقاومة على التنازل، وهو ما ترفضه حماس والفصائل الأخرى، وتُصر على:

"أن الإعمار حق، وليس ثمناً سياسياً لوقف القتال أو التخلي عن السلاح".

ثالثًا: الموقف العربي والإسلامي – بين الدعم، الحذر، والتواطؤ الصامت

المواقف العربية والإسلامية تجاه سلاح المقاومة تتراوح بين التأييد اللفظي، الحذر العملي، وأحيانًا التواطؤ الصامت أو الفعلي، في ظل خضوع كثير من العواصم العربية لمعادلات التطبيع، أو الضغوط الغربية.

  • بعض الدول العربية (كمصر والأردن والسلطة الفلسطينية)، وإن لم تُعلن رسميًا رفضها للسلاح، تتبنى عمليًا خطاب نزع السلاح أو على الأقل تحجيمه، في سياق "التهدئة الإقليمية" و"محاربة الإرهاب" .
  • دول أخرى (كالسعودية والإمارات) تعتبر سلاح الفصائل عائقًا أمام إعادة دمج غزة في مشروع الدولة الفلسطينية تحت مظلة السلطة، ما يجعلها لا تدعم تسليح المقاومة، حتى لو لم تُعلن ذلك صراحة.
  • أما دول وأطراف "محور المقاومة" (إيران، اليمن "أنصار الله"، حزب الله)، فتدعم بوضوح استمرار تسليح الفصائل، وتعتبر ذلك جزءًا من الرد الاستراتيجي على الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة في المنطقة.

وفي هذا السياق، يُعدّ الموقف المصري بالغ الأهمية، بحكم الجغرافيا والتحكم في معبر رفح. ورغم تقديم مصر لمساعدات إنسانية، فإنها ترفض تمرير أسلحة للمقاومة، وتُبقي التنسيق الأمني مع الكيان الإسرائيلي قائمًا على أعلى المستويات.

كل هذا يُبرز أن سلاح المقاومة لا يُواجه فقط ضغوطًا إسرائيلية–دولية مباشرة، بل أيضًا بيئة إقليمية غير حاضنة بالكامل، إن لم تكن معادية أحيانًا، وهو ما يُعقّد أي سيناريو مستقبلي لشرعنته أو استمراره دون صدام سياسي أو عسكري.

7. السيناريوهات المستقبلية لسلاح المقاومة الفلسطينية

تشهد الساحة الفلسطينية لحظة مفصلية في تاريخ الكفاح الوطني، حيث بات سلاح المقاومة – بما فيه سلاح حماس والفصائل الأخرى – في صلب التجاذب بين موازين الردع، وضغوط التسوية، واستحقاقات المجتمع.

وفي ضوء المعطيات الميدانية والسياسية المتسارعة، يمكن تصور أربعة سيناريوهات مستقبلية رئيسية، تتفاوت في مدى واقعيتها ومخاطرها وجدواها الاستراتيجية.

السيناريو الأول: بقاء سلاح المقاومة كما هو – استمرار النموذج القائم

بموجب هذا السيناريو، تُحافظ الفصائل، وعلى رأسها حماس، على سلاحها كما هو، من حيث البنية والتنظيم والقرار، دون إدماج سياسي أو توافق وطني شامل، وتبقى كتائب القسام وسرايا القدس وغيرها بمثابة قوى مقاومة مستقلة تقود المواجهة عند الضرورة.

دوافع استمرار هذا النموذج:

  • هشاشة القيادة الفلسطينية الحالية، وضعف شرعيتها الشعبية.
  • استمرار الاحتلال وتوسّع الاستيطان، دون أي أفق سياسي حقيقي.
  • التفاف شعبي واضح حول فكرة المقاومة المسلحة، كما تُظهر استطلاعات الرأي الأخيرة، حيث جاء في نتائج استطلاع مايو 2025 الذي أعده المركز الفلسطيني للدراسات السياسية والمسحية في رام الله أن 85% من سكان الضفة و64% من سكان غزة يرفضون نزع سلاح حماس، و88%من المستطلعين لا يرون أن الحرب ستتوقف بمجرد نزع السلاح، مما يعكس قناعة شعبية بأن السلاح ليس المشكلة، بل الاحتلال.

التحديات:

  • إبقاء غزة خارج المشروع الوطني الفلسطيني الشامل.
  • استخدام بقاء السلاح كذريعة دولية لعزل غزة سياسيًا وإغاثيًا.
  • استنزاف طويل الأمد في ظل غياب استراتيجية وطنية جامعة.

ترجيح: السيناريو الأكثر توافقًا مع الواقع القائم، لكنه يحمل كلفة استراتيجية متزايدة على المدى المتوسط والبعيد.

السيناريو الثاني: تجميد أو تقييد سلاح المقاومة ضمن مشروع هدنة طويلة

في هذا السيناريو، لا يتم نزع السلاح فعليًا، ولكن تُقبل المقاومة بتجميد استخدامه أو تقييد تطويره، ضمن اتفاق أو تفاهم طويل الأمد، بمسمى "هدنة"، "ترتيبات أمنية"، أو "مرحلة انتقالية"، مقابل مكاسب إنسانية واقتصادية أو اعتراف إقليمي ودولي بـ"إدارة محلية" في غزة.

خصائصه:

  • لا يُسلَّم السلاح، لكن يُقيَّد القرار العسكري سياسيًا وإعلاميًا.
  • يجري وقف تدريجي للتصنيع العسكري، أو تجميده عند حد معين.
  • يشمل تفاهمات غير معلنة مع قوى إقليمية ودولية لضمان استقرار الوضع.

المآخذ والمخاطر:

  • يُخشى أن يتحوّل التجميد إلى تفكيك تدريجي غير معلن.
  • قد يؤدي إلى تآكل وظيفي للسلاح، وتحويله إلى مجرد "رمزية مع وقف التنفيذ".
  • خطر انفصال القرار العسكري عن الإرادة الشعبية مع مرور الوقت.

ترجيح: مرشّح للطرح بقوة من قبل الوسطاء الدوليين والإقليميين، وقد تتم محاولة فرضه على المقاومة كـ"حل وسط"، إذا لم تتوفر شروط مشروع وطني شامل، ما يتطلب حذرًا استراتيجيًا شديدًا في قبوله.

السيناريو الثالث: دمج السلاح ضمن مرجعية وطنية أو جيش مقاومة موحّد

يقوم هذا السيناريو على صيغة توافق وطني حقيقي تُعيد تنظيم سلاح المقاومة ضمن:

  • جيش وطني فلسطيني مقاوم يخضع لقيادة سياسية موحدة.
  • أو مجلس عسكري أعلى يضم الفصائل كافة، مع احتفاظها ببنيتها، وتحديد القرار العسكري ضمن معادلة الشراكة الوطنية.

 

مزاياه:

  • حماية السلاح من التجريد تحت غطاء وطني جامع.
  • توحيد القرار الفلسطيني وإنهاء الانقسام.
  • تقديم نموذج سياسي–عسكري يُزاوج بين المقاومة والسياسة دون تفريط أو مغالبة.

العقبات:

  • غياب الثقة بين الفصائل، خاصة بين حماس والسلطة.
  • رفض بعض الأطراف الإقليمية والدولية لأي صيغة تعزز من شرعية السلاح.
  • حاجة هذا السيناريو إلى بيئة داخلية جديدة وقيادة شرعية جامعة.

ترجيح: هو السيناريو الأمثل وطنيًا واستراتيجيًا، لكنه مؤجل ما لم تحدث نقلة نوعية في النظام السياسي الفلسطيني أو ضغط شعبي واسع لفرضه.

السيناريو الرابع: نزع السلاح مقابل تسوية سياسية أو اقتصادية

هو السيناريو الأخطر، ويقوم على تسوية يُجبر فيها الفلسطينيون على التخلي عن سلاحهم بالكامل مقابل تعهدات بإعادة الإعمار، فتح المعابر، وربما شكل من أشكال الحكم الذاتي تحت رعاية إقليمية ودولية.

ما يُسوّقه هذا السيناريو:

  • إنهاء "عسكرة غزة".
  • خلق بيئة ملائمة لاستئناف عملية التسوية.
  • تسوية سياسية تحظى بدعم دولي واسع.

المآلات الكارثية:

  • تفريغ المشروع الوطني من أداة القوة والردع الوحيدة المتبقية.
  • ترك غزة عارية أمام أي عدوان مستقبلي.
  • فرض قيادة سياسية خاضعة للتوازنات الدولية، لا للإرادة الشعبية.

ترجيح: رغم الضغوط، يصطدم هذا السيناريو برفض شعبي عارم ورفض فصائلي واضح، ما يجعله مستبعدًا حاليًا، إلا أنه يبقى مطروحًا بقوة على طاولات المفاوضات الدولية، خصوصًا بعد كل حرب كبرى.

 

ترجيح عام

  • السيناريو الأول (الاستمرار كما هو) أقرب إلى الواقع في ظل الحرب والانقسام.
  • السيناريو الثاني (تجميد السلاح) مرشح للطرح إقليميًا، ويحتاج لوعي استراتيجي لمنع تحوّله إلى نزع فعلي.
  • السيناريو الثالث (الدمج الوطني) هو الخيار الأنضج والأكثر توازنًا، لكنه مشروط بإرادة سياسية جديدة.
  • السيناريو الرابع (النزع الكامل) يُمثّل تهديدًا حقيقيًا للمشروع الوطني، ويجب مواجهته بموقف موحّد.

الخلاصة

منذ نشأة "المشروع الوطني الفلسطيني"، كان السلاح – بكل رمزيته وتواضعه الميداني – أكثر من مجرد أداة قتال، ولقد مثّل، في وعي الفلسطينيين، ترجمة ملموسة للإرادة الجماعية في مواجهة الاحتلال، وتجسيدًا لحقهم الطبيعي في الدفاع عن الأرض والكرامة، ومع كل تحوّل سياسي أو عسكري، كان سلاح المقاومة يعود إلى الواجهة، ليس كخيار تقني، بل كسؤال وجودي: من يملك قرار المواجهة؟ ومن يحق له أن يحمل البندقية باسم الشعب؟

لقد بيّنت هذه الورقة أن سلاح المقاومة الفلسطينية، على رأسه سلاح حماس في اللحظة الراهنة، لا يمكن عزله عن التاريخ الوطني الممتد، ولا عن السياق الإقليمي والدولي شديد التعقيد، فهو في آنٍ واحد:

  • رصيد وطني أثبت فعاليته في فرض معادلات ردع، كما في "سيف القدس" و"طوفان الأقصى".
  • وموضوع جدل داخلي في ظل كلفة إنسانية باهظة يدفعها الشعب، خاصة في غزة، تحت ضغط الحصار والعدوان.
  • ومحور استهداف إسرائيلي–دولي ممنهج، يسعى إلى تجريده، ليس خدمةً للسلام، بل ضمانًا لاستمرار السيطرة الإسرائيلية دون مقاومة.

لقد أظهرت الورقة أن هذا النقاش يتراوح بين:

  • من يرى في السلاح الضمانة الأخيرة لحماية المشروع الوطني من التفكك أو التصفية.
  • ومن يراه عبئًا يعرقل التسوية ويُفاقم الانقسام، ويستدعي إعادة النظر في تنظيمه أو تحييده.

في هذا السياق، طُرحت أربعة سيناريوهات رئيسية لمستقبل سلاح المقاومة، تتفاوت في واقعيتها وجدواها:

  • الاستمرار في النموذج الحالي دون تغيير يُبقي على قوة الردع، لكنه يُطيل أمد الحصار والانقسام.
  • التجميد أو التقييد تحت مظلة هدنة طويلة، وهو سيناريو مرجّح طرحه سياسيًا، لكنه يحمل خطر تفريغ المقاومة من مضمونها تدريجيًا.
  • الدمج في مرجعية وطنية موحدة، وهو السيناريو الأمثل وطنيًا واستراتيجيًا، لكنه مرهون بتغيرات داخلية فلسطينية جوهرية.
  • في مقابل ذلك، فإن السيناريو الأسوأ – نزع السلاح مقابل تسهيلات حياتية – يهدد بتصفية جوهر القضية وتحويل المقاومة إلى ذكرى تاريخية، ويُعيد إنتاج الفشل الذي صاحب كل محاولة لربط الحقوق الوطنية بمقايضات دولية خادعة.

أبرز ما تكشفه السيناريوهات أن الخطر الحقيقي لا يكمن في وجود السلاح، بل في غياب المشروع الوطني الجامع الذي ينظّم حمله ويمنع تحوّله إلى نقطة ضعف داخلية.

توصيات الورقة

  1. رفض التدويل السياسي للسلاح وقطع الطريق على مشاريع المقايضة، وعلى القيادة الفلسطينية بكافة مكوناتها، وفي مقدمتها فصائل المقاومة، إعلان موقف وطني واضح يرفض ربط نزع السلاح بأي شكل من أشكال الإعمار أو المساعدات الدولية، والتأكيد أن حقوق الفلسطينيين الإنسانية ليست مشروطة سياسياً، بل مكفولة قانونًا وفق اتفاقيات جنيف.
  2. الانتقال من امتلاك السلاح إلى إدارة وطنيّة له ضمن مرجعية فلسطينية موحدة، وينبغي إطلاق مبادرة فلسطينية داخلية لإعادة تعريف وظيفة سلاح المقاومة، من خلال:
  • تأسيس مجلس أعلى للمقاومة يمثل الفصائل والقوى السياسية والمجتمعية، ويشرف على استخدام القرار العسكري ضمن رؤية وطنية.
  • العمل على توحيد غرفة العمليات المشتركة للمقاومة كهيئة دائمة، تُفعّل في السياسة بقدر ما تُفعّل في الميدان.
  1. استثمار اللحظة السياسية بعد الحرب لإعادة تثبيت شرعية السلاح دوليًا على المستوى الخارجي، وتكثيف الجهد الإعلامي والقانوني لإبراز أن المقاومة المسلحة حق مكفول للشعوب تحت الاحتلال بموجب المادة (1/4) من البروتوكول الأول الإضافي لاتفاقيات جنيف.
  2. تشكيل لجنة فلسطينية قانونية–إعلامية متخصصة، لمواجهة الرواية الإسرائيلية التي تروّج لتجريم سلاح المقاومة.
  3. رفض "نموذج الدولة المنزوعة السلاح" بوصفه صيغة تصفوية لا انتقالية، وينبغي تبني خطاب فلسطيني موحد، يُعلن أن: أي مشروع سياسي يستهدف نزع سلاح المقاومة قبل زوال الاحتلال هو مشروع تصفية لا تسوية.
  4. تأكيد أن الدولة الفلسطينية المستقلة لا تكون منزوعة السلاح، بل صاحبة سيادة، والسلاح الوطني جزء من حماية هذه السيادة لا عائق أمامها.
  5. توسيع مقاربة الحديث عن سلاح المقاومة بحيث لا يُختزل في سياق ما بعد 7 أكتوبر 2023، بل يُقدَّم ضمن سردية وطنية شاملة تعتبر السلاح امتدادًا طبيعيًا لمشروع التحرر الفلسطيني، وركنًا أصيلًا من الهوية الكفاحية للشعب الفلسطيني في أبعاده التاريخية والمستقبلية.
  6. ترسيخ خطاب عقلاني وواضح في هذه المرحلة، يُؤكد أن السلاح ليس غاية بحد ذاته، بل أحد أدوات التحرير المتكاملة إلى جانب النضال السياسي والجماهيري والإعلامي، مع تجنّب الخطابات الشعاراتية الجامدة مثل "السلاح خط أحمر" إذا لم تُربط بوظيفة استراتيجية وطنية، بما يُعيد تعريف السلاح كوسيلة خاضعة لإرادة وطنية واعية، لا كرمز مجرد.

 

 

مشاركة :

الأكثر قراءة :

الجماعات الدينية اليهودية الداعمة لاقتحامات المسجد الأقصى وتنظيم...

المخطط الإسرائيلي لاقتطاع مساحة من "الأقصى" لصالح المستوطنين

انتخابات الكنيست من وجهة نظر المقاطعين

ذات صلة :

لجنة الإسناد المجتمعي رؤية لإدارة قطاع غزة بعد الحرب وتحديات التنفيذ

سرقة المساعدات الإنسانية في غزة الاحتلال وأدواته لخلق الفوضى والجوع

فائض الشيكل في البنوك الفلسطينية الأسباب والتداعيات والحلول

الوسوم :

  • سلاح المقاومة الفلسطينية
  • كتائب القسام
  • جيش الاحتلال

من نحن

  • رؤية المركز و أهدافه
  • شركاؤنا
  • كُتاب
  • باحثو المركز
  • عناوين
  • الهيئة الاستشارية
  • باحثون آخرون
  • منصات تواصل

الأقسام

  • أنشطة وفعاليات
  • إصدارات
  • ملفات
  • قضايا إقليمية
  • شؤون منوعة
  • استطلاعات رأي
  • ترجمات خاصة
  • موسوعة المركز
  • مكتبة هاشم ساني

تواصل معنا

  • فلسطين - غزة
  • 500500500+
  • test@gmail.com
مركز فلسطيني غير ربحي، يُعنى بالشؤون السياسية والتنموية الخاصة بالقضية الفلسطينية على الصعيدين المحلي والعالمي ...
جميع الحقوق محفوظه © لمركز الدراسات الساسية و التنموية 2025
  • برمجة و تطوير هاي فايف