مركز الدراسات الساسية و التنموية
مركز الدراسات الساسية و التنموية
  • الرئيسية
  • من نحن
    • رؤية المركز و أهدافه
    • الهيئة الاستشارية
    • شركاؤنا
    • باحثو المركز
    • باحثون آخرون
    • كُتاب
    • التواصل معنا
      • عناوين
      • منصات تواصل
  • أنشطة وفعاليات
    • ندوات
    • ورش عمل
    • لقاءات خاصة
    • مؤتمرات
    • دورات تدريبية
    • احتفالات
  • إصدارات
    • أوراق بحثية
    • تقارير
    • كتب
    • سياسية
    • إعلامية
    • تنموية
    • منوعة
    • ...
  • ملفات
    • القدس
    • الأسرى
    • الاستيطان
    • فلسطنيو 48
    • فلسطنيو الشتات
    • اللاجئون
    • المنظمة
    • السلطة
    • البرلمان
    • القضاء
    • الحكومة
    • الحقوق
    • الحريات
    • الشباب
    • المرأة
    • الأطفال
    • ذوي الهمم
    • ...
  • قضايا إقليمية
    • الشرق الأوسط
    • آسيا
    • الخليج العربي
    • شمال أفريقيا
    • أوروبا
    • الولايات المتحدة
    • كندا
    • بنما
    • أميركا اللاتينية
    • أستراليا
  • شؤون منوعة
    • فكر و سياسة
    • قيادات و أحزاب
    • ثقافة
    • اقتصاد
    • رياضة
    • علوم
    • تعليم
    • قانون
    • تاريخ
    • فن
    • أدب
    • إعلام
  • أرشيف
    • وثائق pdf
    • صور
    • فيديو
    • بودكاست
    • استطلاعات رأي
    • ترجمات خاصة
    • موسوعة المركز
      • شخصيات
      • أحداث
      • أماكن
    • مكتبة هاشم ساني
      • القسم السياسي
      • شؤون فلسطينية
      • القسم الثقافي
      • شؤون إسرائيلية
      • شؤون إسلامية
      • اللغة و المعرفة
      • العلوم
      • الإعلام
      • الأدب
      • ...

اللعب بالنار: تسليح العصابات في غزة والارتدادات المرتقبة على الاحتلال

  • CPDS - غزة
  • السبت , 28 يونيو 2025
  • أوراق بحثية
اللعب بالنار:  تسليح العصابات في غزة والارتدادات المرتقبة على الاحتلال

مقدمة

في تطور خطير يعكس حجم الأزمة التي يواجهها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، لجأت حكومة الاحتلال إلى خيار توظيف العصابات المحلية المسلحة كأداة بديلة عن الحسم العسكري المباشر. بعد شهور من الدعم غير المعلن لتلك الجماعات التي تورطت في نهب المساعدات الإنسانية واستهداف فصائل المقاومة، جاء الاعتراف الإسرائيلي الرسمي بتسليح هذه العصابات وتوجيهها ليؤكد دخول الصراع مرحلة جديدة عنوانها: الحرب بالوكالة والفوضى المنظمة.

هذا التحول ليس وليد اللحظة، بل جاء بعد فشل الاحتلال في فرض قيادات عشائرية بديلة عن حركة حماس، وفشل خطط "القيادات المصنّعة" التي اصطدمت برفض شعبي واسع. ومع تراجع فعالية القوة العسكرية المباشرة، بات واضحًا أن الكيان الإسرائيلي يُراهن اليوم على خلق واقع داخلي منهك ومفكك في غزة، عبر دعم عصابات محلية تعمل كأذرع أمنية وعسكرية في مناطق بعينها، خاصة جنوب القطاع.

تتناول هذه الورقة حيثيات ودوافع هذا الخيار الإسرائيلي، والجهات المتورطة فيه، والاعترافات الصريحة به من أعلى المستويات السياسية والأمنية في الكيان، كما ترصد المواقف المعارضة من داخل الكيان الإسرائيلي، وردود الفعل الدولية، وتستعرض الدلالات السياسية والأمنية لهذه السياسة الجديدة، والمخاطر التي قد تترتب عليها على المديين القريب والبعيد. كما تقدم الورقة تحليلاً مقارنًا مع تجارب مشابهة في السياق الإقليمي، وتختتم بتوصيات عملية لمواجهة هذه السياسة وفضح أهدافها.

الخلفية والسياق

مع فشل الكيان الإسرائيلي في تحقيق الأهداف المعلنة لحربه على قطاع غزة، خصوصًا إسقاط حكم حماس أو تفكيك قدراتها، لجأ الاحتلال إلى إعادة تفعيل استراتيجية التفكيك الداخلي، مستثمرًا في خلق وكلاء محليين من المجموعات المسلحة بهدف إضعاف الجبهة الداخلية وإشغال المقاومة بصراعات جانبية.

هذا التحول بات جليًا في مدينة رفح جنوب القطاع، حيث بدأت تظهر عصابات مسلّحة جديدة تعمل تحت غطاء شعارات "مكافحة الإرهاب"، ولكنها في الحقيقة تنفذ أجندات إسرائيلية واضحة.

برز اسم ياسر أبو شباب كواحد من أبرز قادة هذه العصابات، حيث تشير التقارير إلى أنه من كبار المهربين والمتورطين في تجارة المخدرات والحشيش، وقد سبق أن اعتقلته حركة حماس قبل أن يُطلق سراحه عقب تدمير مقراتها الأمنية في الأيام الأولى بعد السابع من أكتوبر.

وفقًا للصحافي الإسرائيلي ألحانان توليدانو، فإن أبو شباب شكّل بداية ما سماه "وحدة مكافحة الإرهاب"، ليحوّلها لاحقًا إلى "القوات الشعبية" في 10 أيار/مايو 2025، وهي عصابة يقدّر عدد أفرادها بما بين 100 إلى 300 عنصر، أغلبهم من عناصر أمن سابقين في أجهزة السلطة الفلسطينية.

تنشط هذه المجموعات في المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية شرق رفح، وتنسّق بشكل مباشر مع القوات الإسرائيلية، ووفقًا لمصادر أممية، قامت هذه الجماعات بعمليات سطو منظمة على شاحنات المساعدات الإنسانية خلال الفترة من أكتوبر 2024 حتى يناير 2025، حيث اتهمت الأمم المتحدة هذه المليشيات بسرقة المساعدات وبيعها بأسعار باهظة، وأكد جوناتان فيتول من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن السرقات تمت "تحت أعين القوات الإسرائيلية".

وفي تطور لافت، شاركت القوات الجوية الإسرائيلية لأول مرة بشكل علني في قتال داخلي إلى جانب جماعة أبو شباب، حيث قصفت طائرة مسيّرة مجموعة من مقاتلي حماس خلال اشتباك مباشر مع العصابة جنوبي القطاع، وشكّل هذا الحدث تحولًا واضحًا في أسلوب إدارة الاحتلال للصراع، من خلال التدخل العسكري لحماية وكلائه على الأرض.

الموقف الإسرائيلي

بدأ الانكشاف التدريجي للدور الإسرائيلي في تمويل وتسليح عصابات مسلحة داخل قطاع غزة مع تصريحات وزير الجيش الأسبق أفيغدور ليبرمان، خلال مقابلة إذاعية في 5 حزيران/يونيو 2025، أكد فيها أن حكومة نتنياهو أدخلت كميات من الأسلحة الخفيفة إلى قطاع غزة، وبالتحديد إلى جماعات مسلحة تنشط في جنوب القطاع، دون مصادقة الكابينت الأمني، وأضاف أن هذه التعليمات جاءت مباشرة من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ما أثار جدلًا واسعًا داخل الأوساط السياسية والأمنية في الكيان الإسرائيلي.

في رد غير مباشر، لم ينف نتنياهو تلك التصريحات، بل أشار إلى أن حكومته تعتمد "عدة وسائل وأساليب، بتوصية من الأجهزة الأمنية، للقضاء على حركة حماس"، وهو ما اعتبره مراقبون اعترافًا ضمنيًا بالخطة، وفي اليوم التالي، سمحت الرقابة العسكرية بنشر تفاصيل إضافية عن هذه السياسة، حيث أكدت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن جهاز الأمن العام (الشاباك) يشرف بشكل مباشر على عملية تسليح جماعات محلية في القطاع، وعلى رأسها مجموعة ياسر أبو شباب.

وفق ما نشره المراسل العسكري للصحيفة، يوآف زيتون، في عددها الصادر بتاريخ 6 حزيران/يونيو 2025، فإن الشاباك سلّم هذه الجماعات مئات القطع من السلاح الخفيف، بينها أسلحة أوتوماتيكية من طراز كلاشنكوف ومسدسات، كانت في الأصل من مصادرات الحرب على غزة، وتم نقلها إلى رفح تحت إشراف أمني مباشر، وأضافت المصادر الأمنية أن هذه الخطوة "تأتي ضمن خطة لإضعاف حركة حماس دون الدخول في مواجهات مباشرة تؤدي إلى خسائر في صفوف الجيش".

من جانبها، كشفت صحيفة "هآرتس"، في تحقيق موسع بتاريخ 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، عن تعاون وثيق بين الجيش الإسرائيلي وهذه العصابات، خاصة في ملف المساعدات الإنسانية. وأكدت الصحيفة أن الجيش سمح ضمنيًا لهذه المليشيات بنهب قوافل الإغاثة، وفرض أتاوات على الشاحنات المارة في مناطق جنوب القطاع، ولفت التحقيق إلى أن هذه العمليات جرت "أمام أعين القوات الإسرائيلية"، مع وجود مسلحين تابعين للعصابات يقفون على مقربة من دبابات إسرائيلية.

وتؤكد هذه الشهادات والتحقيقات أن الاحتلال الإسرائيلي لم يكتفِ بالدعم السياسي أو الأمني لهذه الجماعات، بل بات يتعامل معها كأداة عسكرية ضمن استراتيجية متعددة المسارات تهدف إلى إنهاك المقاومة الفلسطينية وإضعاف سيطرتها على القطاع، دون الانخراط المباشر في المعارك.

المواقف المعارضة من داخل الكيان الإسرائيلي

شهدت الساحة السياسة الإسرائيلية جدلاً واسعًا حول قرار تسليح العصابات في قطاع غزة، حيث عبّر عدد من كبار المسؤولين الإسرائيليين عن مخاوفهم من هذا الخيار الذي يعتبرونه محفوفًا بالمخاطر.

  • أفيغدور ليبرمان، وزير الجيش الأسبق وزعيم حزب "إسرائيل بيتنا"، حذّر في مقابلة إذاعية في 5 حزيران/يونيو 2025 من الاعتماد على جماعات مسلحة ذات "ولاءات متعددة ومصالح متضاربة"، مشيرًا إلى احتمال انقلاب هذه الجماعات على الجيش والمستوطنين، وقال ليبرمان صراحة:

"الرهان على هذه العصابات يشبه اللعب بالنار، فقد ينقلب السلاح علينا نحن أنفسنا،
كما نبه إلى أن هذه السياسة تمت دون نقاش كافٍ داخل الكابينت الأمني، وهو ما يثير قلقًا حول شفافية القرار.

  • بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية في حكومة نتنياهو، أعلن معارضته الشديدة لتسليح العصابات، مؤكداً أن القرار تم "دون علمه ودون اجتماع رسمي للكابينت"، وفي تصريح صحفي صدر في حزيران/يونيو 2025 قال:

"تسليح الجماعات المحلية في غزة هو خط أحمر لا يمكن تجاوزه دون التوافق الحكومي، وهذا لم يحدث."

  • يائير غولان، زعيم حزب "الديمقراطيين"، وجه انتقادات لاذعة لنتنياهو، متهمًا إياه بمحاولة الهروب إلى الأمام عبر خلق "قنبلة موقوتة جديدة في غزة" بدلاً من العمل على تسوية سياسية تؤدي إلى الإفراج عن الأسرى وإعادة الأمن للمواطنين الإسرائيليين، وفي مقابلة مع صحيفة "يديعوت أحرونوت" في يونيو 2025 قال غولان:

"بدلاً من التفاوض والعمل على صفقة تبادل الأسرى التي هي الأولوية، يلجأ نتنياهو إلى خطوات غير محسوبة قد تجر المنطقة إلى مزيد من الفوضى."

  • بالإضافة إلى ذلك، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن خبراء أمنيين قولهم إن هذه السياسة قد تؤدي إلى انفلات أمني خطير، حيث أن الميليشيات المسلحة غير الخاضعة للرقابة الرسمية تشكل تهديدًا مستقبليًا على الجيش والمستوطنين، وأنها قد تصبح "قنبلة موقوتة" يصعب التحكم بها، خاصة في حال تغيّر مصالح هذه الجماعات أو انحيازاتها.

هذه المواقف المعارضة تبرز حجم الانقسامات داخل المؤسسة الإسرائيلية حول هذه السياسة، وتؤكد أن تسليح العصابات هو خيار مثير للجدل داخلياً، ويحمل مخاطر كبيرة لا يستهان بها على الأمن والاستقرار في المنطقة.

الموقف الدولي

رغم محاولات الاحتلال الإسرائيلي التستر على دعمه للعصابات المسلحة في غزة، بدأت مؤشرات دولية متعددة تظهر قلقًا متزايدًا من الانفلات الأمني المتعمد في مناطق جنوب القطاع، وقد رصدت منظمات أممية، على رأسها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، تنفيذ هذه العصابات لعمليات سطو ممنهجة على قوافل المساعدات الإنسانية، تحت مرأى ومسمع القوات الإسرائيلية، دون أي تدخل لوقفها، وصرّح مسؤولون في الأمم المتحدة بأن هذه السرقات ترافقت مع فرض "أتاوات" على الشاحنات، وصلت في بعض الحالات إلى عشرات آلاف الشواقل، بحسب ما كشفه تقرير لصحيفة "هآرتس" في تشرين الثاني/نوفمبر 2024.

وأكدت منظمات دولية أن الجيش الإسرائيلي رفض طلبات رسمية لتغيير مسارات القوافل إلى مناطق أكثر أمنًا، كما رفض ترك مهمة تأمين الشاحنات لعناصر الشرطة الفلسطينية، بل استهدف بعضهم جوًا، في خطوة فسرتها هذه الجهات بأنها تهدف إلى تفريغ الساحة لصالح العصابات المسلحة، وأكدت "هآرتس" أن مسؤولًا في منظمة دولية رأى بعينه مسلحًا تابعًا للعصابات يقف ببندقية على مقربة من دبابة إسرائيلية.

ورغم هذه المعطيات الصادمة، لم تُصدر الدول الغربية المؤثرة – خاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي – مواقف علنية قوية تدين هذه السياسة، بل اكتفت بإبداء القلق العام من تعقيد وصول المساعدات الإنسانية، ما يعكس نوعًا من الصمت المطبق أو التغاضي السياسي عن ممارسات الكيان الإسرائيلي في القطاع.

هذا الغياب للضغط الدولي الجدي على الاحتلال يُضعف من فرص محاسبة الكيان الإسرائيلي ويمنحه ضوءًا أخضر ضمنيًا للاستمرار في هذه السياسة.

لكن في المقابل، بدأت بعض الجهات الحقوقية الدولية مثل منظمة "هيومن رايتس ووتش" و"أطباء بلا حدود" تصدر بيانات تندد بالانفلات الأمني في المناطق الجنوبية للقطاع، وتطالب بتحقيق دولي مستقل في وقائع نهب المساعدات وضلوع الاحتلال فيها، وهي دعوات قد تتوسع مستقبلاً إذا تراكمت الأدلة والوقائع على الأرض.

الدلالات السياسية والأمنية

يشكل لجوء الاحتلال الإسرائيلي إلى تسليح العصابات المحلية في قطاع غزة انعكاسًا واضحًا لأزمة استراتيجية عميقة داخل الكيان، وفشل الحسم العسكري المباشر والقضاء على حركة حماس دفع الحكومة الإسرائيلية إلى تبني سياسة "الحرب بالوكالة"، التي تستهدف إضعاف المقاومة من الداخل عبر خلق حالة من الفوضى وعدم الاستقرار، وهذه الاستراتيجية ترمي إلى تقليل الخسائر في صفوف الجيش الإسرائيلي من خلال تحميل أعباء المواجهة لمجموعات محلية ذات ولاءات متذبذبة، كما أقرّ وزير الجيش الأسبق أفيغدور ليبرمان الذي قال إن هذا الخيار "يحقن دماء الجنود" (تصريح صحفي، يونيو 2025).

سياسيًا، تعكس هذه الخطوة إخفاقًا في بناء تحالفات أو قيادات محلية بديلة داخل غزة، كما ثبت في تجارب الاحتلال السابقة بمحاولات إنشاء "قيادات بديلة" عبر رؤساء عشائر، والتي قوبلت برفض شعبي واسع (تقرير إعلامي إسرائيلي، مارس 2024)، ما يشير إلى تراجع التأثير الإسرائيلي المباشر على الأوضاع الداخلية الفلسطينية في القطاع، وينذر بتعميق الانقسام الاجتماعي والسياسي بين الفلسطينيين، وزيادة حالة التوتر بين الفصائل والعشائر، كما توثق تقارير الأمم المتحدة عن تصاعد حوادث العنف الداخلي في جنوب غزة خلال الفترة الأخيرة.

أمنيًا، تحمل هذه السياسة مخاطر جمة، إذ أن تسليح مجموعات محلية ذات ولاءات متغيرة ومصالح متعارضة قد يؤدي إلى تفكك السيطرة الأمنية وانتشار السلاح بشكل يفوق قدرة الاحتلال على ضبطه، وهو ما حذّر منه مسؤولون أمنيون إسرائيليون، من بينهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي وصف القرار بـ"الخط الأحمر" (تصريح، يونيو 2025)، كما يشكل هذا الخيار تهديدًا مباشرًا على استقرار الاحتلال، إذ لا توجد ضمانات بعدم انقلاب هذه المليشيات على الجهة التي مولتها، مما يفتح الباب أمام سيناريوهات عنف داخلية لا يمكن التنبؤ بتداعياتها، كما حذر ليبرمان في مقابلة إذاعية (يونيو 2025).

علاوة على ذلك، فإن الدعم المعلن أو الضمني لهذه العصابات يُضعف الشرعية الأخلاقية والقانونية للاحتلال على المستوى الدولي، ويزيد من عزلة الكيان الإسرائيلي في المحافل الحقوقية والسياسية، خاصة بعد تحقيقات صحيفة "هآرتس" التي كشفت تعاون الجيش مع العصابات في نهب المساعدات الإنسانية (تقرير، نوفمبر 2024)، كما أنه يعزز من الرواية الفلسطينية الرافضة للاحتلال، ويمنح حماس زخماً إضافياً في تعبئة الشارع الفلسطيني والعربي والدولي، كما عبرت تقارير وتقارير إعلامية فلسطينية عن تزايد الدعم الشعبي للمقاومة في ظل هذه السياسات.

تحليل المخاطر المستقبلية

الرهان الإسرائيلي على عصابات محلية مسلحة يحمل في طياته مخاطر جسيمة تهدد الأمن والاستقرار، ليس فقط في قطاع غزة بل داخل الكيان نفسه، فقد حذّر مسؤولون إسرائيليون بارزون من احتمال انقلاب هذه الجماعات المسلحة على الجهة التي مولتها، وتحويل السلاح ضد الجيش الإسرائيلي والمستوطنين، وهو ما عبّر عنه وزير الجيش الأسبق أفيغدور ليبرمان بتحذيره من "ثمن الدم" الذي قد يدفعه الاحتلال بسبب هذه السياسة (مقابلة إذاعية، يونيو 2025).

إلى جانب ذلك، استمرار نشاط هذه العصابات في نهب المساعدات الإنسانية وفرض "أتاوات" على الشاحنات، كما وثق تقرير "هآرتس" (نوفمبر 2024)، قد يؤدي إلى انفجار شعبي داخلي ضدها، ما قد يشعل صراعات عشائرية وفصائلية داخل القطاع تزيد من حالة الفوضى، وتعيق جهود إعادة البناء والإغاثة.

كما أن عدم وجود مؤشرات على قبول شعبي لهذه الجماعات، خاصة في ظل الرفض الشعبي الشديد لمحاولات الاحتلال السابقة في فرض "قيادات بديلة" (تقارير ميدانية فلسطينية، 2024-2025)، يطرح تساؤلات جدية حول قدرة هذه العصابات على إدارة مناطق أو فرض سيطرة مستقرة بعد الحرب.

من الناحية الأمنية، تسليح هذه المليشيات يجعل السلاح متاحًا بشكل واسع ومنتشر، ما قد يؤدي إلى استغلاله في نزاعات داخلية أو خارجة عن السيطرة، كما حدث في تجارب سابقة في مناطق النزاعات الأخرى، مما يفاقم أزمات الأمن الداخلي في غزة ويعقّد من مهمة المقاومة.

أخيرًا، هذه السياسة قد تفضي إلى تدهور العلاقة بين الفصائل الفلسطينية، خاصة بين حماس والعشائر أو الفصائل التي تدعمها العصابات، ما يؤدي إلى مزيد من الانقسامات والتشتت، ويعزز من فرص تدخلات خارجية تزيد من تعقيد المشهد الأمني والسياسي في القطاع.

وتعكس سياسة الاحتلال الإسرائيلي في تسليح العصابات المحلية في غزة محاولة يائسة لتكرار نماذج سابقة من "الحروب بالوكالة" التي خاضها في لبنان وسوريا، خصوصًا تجربة مليشيا أنطوان لحد في جنوب لبنان خلال الاحتلال الإسرائيلي بين 1982 و2000.

 هذه التجربة، التي وثقتها تقارير عديدة مثل تقرير "هيومن رايتس ووتش" (2000)، أظهرت محدودية فاعلية هذا النهج، إذ سرعان ما انقلبت تلك الميليشيات ضد الاحتلال، وخلقت أزمات أمنية وسياسية داخلية كبيرة، ما كبد الكيان الإسرائيلي خسائر بشرية وسياسية جسيمة.

البيئة الفلسطينية في غزة تختلف عن البيئة اللبنانية، إذ تتمتع بوعي سياسي جماهيري عالي، كما تؤكد دراسات ميدانية وتقارير مؤسسات حقوقية فلسطينية (مركز الميزان، 2023) عن قوة الشبكات الاجتماعية والرفض الشعبي الحاد لأي محاولة لتقسيم النسيج الاجتماعي أو فرض قيادات خارجية، ما يجعل من الصعب على الاحتلال بناء بدائل مستقرة أو موثوقة، وهو ما تجلى بفشل محاولات الاحتلال في تشكيل "قيادات بديلة" في عام 2024، كما رصدت تقارير إعلامية فلسطينية وإسرائيلية على حد سواء.

تجربة العصابات المسلحة المدعومة إسرائيليًا في قطاع غزة والتي نشرت عنها صحيفة "هآرتس" (نوفمبر 2024) كشفت أيضًا هشاشة هذه الجماعات في مواجهة المقاومة الشعبية وقوات حماس، التي تمكنت من إحباط محاولات تمددها، رغم الدعم العسكري والسياسي الإسرائيلي، كما حذرت تقارير إسرائيلية رسمية من مخاطر انقلاب هذه الميليشيات على الراعي الإسرائيلي، كما جاء في تصريحات وزير المالية بتسلئيل سموتريتش (يونيو 2025)، الذي اعتبر أن تسليح هذه الجماعات يشكل "خطًا أحمر" قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة على الأمن الإسرائيلي.

في المجمل، فإن هذه السياسة الإسرائيلية ليست فقط فاشلة من الناحية العسكرية والسياسية، بل تمثل قنبلة موقوتة قد تؤدي إلى انفجار أمني داخل القطاع، مع تبعات إقليمية محتملة، تجعل من السيطرة عليها أو التنبؤ بنتائجها أمرًا صعبًا، بل قد تضر بمصالح الاحتلال على المدى البعيد.

الخلاصة

إن لجوء الاحتلال الإسرائيلي إلى خيار تسليح العصابات المحلية في قطاع غزة يُمثل مؤشراً واضحاً على حجم الأزمة الاستراتيجية التي يعانيها الكيان في مواجهة حركة حماس والمقاومة الفلسطينية. هذه السياسة، التي جاءت بعد فشل طويل في الحسم العسكري وإقامة بدائل محلية مستقرة، تعكس حالة من الارتباك والتراجع في أدوات الاحتلال التقليدية.

رغم أن تسليح هذه الجماعات يُعتبر محاولة لتقليل الخسائر المباشرة في صفوف الجيش الإسرائيلي عبر "الحرب بالوكالة"، إلا أنه يفتح باباً واسعاً للفوضى وعدم الاستقرار الداخلي في القطاع، ويهدد بعودة السلاح إلى أيدي مجموعات غير منظمة قد تنقلب على الراعي نفسه. الشواهد التاريخية من تجارب مشابهة في لبنان وغيرها تشير إلى أن هذا الخيار لا يضمن السيطرة، بل يخلق أزمات أمنية وسياسية تتجاوز الحدود الفلسطينية.

كما أن استمرار هذا النهج يعمق الانقسامات الداخلية ويؤجج العنف الأهلي، مع تداعيات سياسية وأمنية لا يمكن التنبؤ بها، علاوة على ذلك، فإن الدعم المعلن أو الضمني لهذه العصابات يُضعف الشرعية الدولية للاحتلال ويزيد من عزله على الساحة الدولية.

بالتالي، يمكن القول إن سياسة تسليح العصابات في غزة تتطلب تصعيداً وطنياً وشعبياً لمواجهتها وفضح أهدافها، إضافة إلى جهود دولية لضبط هذه السياسة والحد من تداعياتها الكارثية.

 

التوصيات

  1. ضرورة تكثيف الحملات الإعلامية والتوثيقية التي تكشف الدعم والتسليح الإسرائيلي للعصابات المسلحة في قطاع غزة، لتعزيز الوعي المحلي والدولي بخطورة هذه السياسة.
  2. نشر برامج توعوية وتثقيفية في المجتمع الفلسطيني تسلط الضوء على مخاطر هذه الجماعات وأساليبها، لتقليل قبولها والحد من تأثيرها السلبي على النسيج الاجتماعي.
  3. تقديم الدعم السياسي واللوجستي للمقاومة الفلسطينية في مواجهة هذه العصابات، وتعزيز قدرتها على كشف وإحباط محاولاتها.
  4. مطالبة المنظمات الدولية الحقوقية والإنسانية بفتح تحقيق مستقل في ملف نهب المساعدات الإنسانية والتواطؤ الإسرائيلي مع هذه الجماعات، وتحميل الاحتلال مسؤولياته.
  5. تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية واحتواء التوترات العشائرية والفصائلية التي قد تستغلها هذه العصابات، عبر حوار وطني شامل ومبادرات اجتماعية.
  6. الاستفادة من الدروس المستخلصة من تجارب المليشيات العميلة مثل مليشيا أنطوان لحد، لتحذير المجتمع الفلسطيني من مخاطر تكرار هذه التجارب.
  7. تحسين آليات توزيع المساعدات الإنسانية وتوفير حماية دولية لمنع نهبها، وضمان وصولها لمستحقيها دون تدخل أو استغلال.
مشاركة :

الأكثر قراءة :

الجماعات الدينية اليهودية الداعمة لاقتحامات المسجد الأقصى وتنظيم...

المخطط الإسرائيلي لاقتطاع مساحة من "الأقصى" لصالح المستوطنين

انتخابات الكنيست من وجهة نظر المقاطعين

ذات صلة :

الجماعات الدينية اليهودية الداعمة لاقتحامات المسجد الأقصى وتنظيم...

المخطط الإسرائيلي لاقتطاع مساحة من "الأقصى" لصالح المستوطنين

انتخابات الكنيست من وجهة نظر المقاطعين

الوسوم :

  • تسليح العصابات في غزة
  • سرقة المساعدات

من نحن

  • رؤية المركز و أهدافه
  • شركاؤنا
  • كُتاب
  • باحثو المركز
  • عناوين
  • الهيئة الاستشارية
  • باحثون آخرون
  • منصات تواصل

الأقسام

  • أنشطة وفعاليات
  • إصدارات
  • ملفات
  • قضايا إقليمية
  • شؤون منوعة
  • استطلاعات رأي
  • ترجمات خاصة
  • موسوعة المركز
  • مكتبة هاشم ساني

تواصل معنا

  • فلسطين - غزة
  • 500500500+
  • test@gmail.com
مركز فلسطيني غير ربحي، يُعنى بالشؤون السياسية والتنموية الخاصة بالقضية الفلسطينية على الصعيدين المحلي والعالمي ...
جميع الحقوق محفوظه © لمركز الدراسات الساسية و التنموية 2025
  • برمجة و تطوير هاي فايف